صفحة جزء
( 770 ) فصل : ويشرع أن يسلم تسليمتين عن يمينه ويساره . روي ذلك عن أبي بكر الصديق ، وعلي ، وعمار ، وابن مسعود رضي الله عنهم ، وبه قال نافع بن عبد الحارث ، وعلقمة ، وأبو عبد الرحمن السلمي ، وعطاء ، والشعبي ، والثوري ، والشافعي ، وإسحاق ، وابن المنذر ، وأصحاب الرأي وقال ابن عمر ، وأنس ، وسلمة بن الأكوع وعائشة ، والحسن ، وابن سيرين ، وعمر بن عبد العزيز ، ومالك ، والأوزاعي : يسلم تسليمة واحدة .

وقال عمار بن أبي عمار : كان مسجد الأنصار يسلمون فيه تسليمتين ، وكان مسجد المهاجرين يسلمون فيه تسليمة . ولما روت عائشة ، قالت : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم تسليمة واحدة تلقاء وجهه . } وعن سلمة بن الأكوع قال : { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فسلم تسليمة واحدة } ، رواهما ابن ماجه . ولأن التسليمة الأولى قد خرج بها من الصلاة ، فلم يشرع ما بعدها كالثانية .

ولنا ، ما روى ابن مسعود قال : { رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسلم حتى يرى بياض خده ، عن يمينه ويساره . } وعن جابر بن سمرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه ، ثم يسلم على أخيه من على يمينه وشماله } . رواهما مسلم . وفي لفظ لحديث ابن مسعود : { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه : السلام عليكم ورحمة الله ، وعن يساره : السلام عليكم ورحمة الله } . قال الترمذي : حديث ابن مسعود حديث حسن صحيح . وحديث عائشة يرويه زهير بن محمد . وقال البخاري : يروي مناكير ، وقال أبو حاتم الرازي : هذا [ ص: 324 ] حديث منكر . وسأل الأثرم ، أحمد عن هذا الحديث ؟ فقال : كان يقول هشام : كان يسلم تسليمة يسمعنا . قيل له : إنهم مختلفون فيه عن هشام ، وبعضهم يقول : تسليما . وبعضهم يقول : تسليمة . قال : هذا أجود . فقد بين أحمد أن معنى الحديث يرجع إلى أنه يسمعهم التسليمة الواحدة ، ومن روى : تسليما . فلا حجة لهم فيه ، فإنه يقع على الواحدة والثنتين . على أن أحاديثنا تتضمن زيادة على أحاديثهم والزيادة من الثقة مقبولة .

ويجوز أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل الأمرين ; ليبين الجائز والمسنون ، ولأن الصلاة عبادة ذات إحرام وإحلال ، فجاز أن يكون لها تحللان كالحج .

التالي السابق


الخدمات العلمية