صفحة جزء
( 778 ) فصل : وينوي بسلامه الخروج من الصلاة . فإن لم ينو ; فقال ابن حامد تبطل صلاته . وهو ظاهر نص الشافعي ; لأنه نطق في أحد طرفي الصلاة ; فاعتبرت له النية ، كالتكبير . والمنصوص عن أحمد - رحمه الله - أنه لا تبطل صلاته . وهو الصحيح ; لأن نية الصلاة قد شملت جميع الصلاة ، والسلام من جملتها ، ولأنه لو وجبت النية في السلام لوجب تعيينها ، كتكبيرة الإحرام ، ولأنها عبادة ، فلم تجب النية للخروج منها ، كسائر العبادات ، وقياس الطرف الأخير على الطرف الأول غير صحيح ; فإن النية اعتبرت في الطرف الأول ، لينسحب حكمها على بقية الأجزاء ، بخلاف الأخير ، ولذلك فرق الطرفان في سائر العبادات .

قال بعض أصحابنا : ينوي بالتسليمتين معا الخروج من الصلاة . فإن نوى مع ذلك الرد على الملكين ، وعلى من خلفه إن كان إماما ، أو على الإمام ومن معه إن كان مأموما ، فلا بأس . نص عليه أحمد ، فقال : يسلم في الصلاة ، وينوي بسلامه الرد على الإمام ; لما روى مسلم ، عن جابر بن سمرة ، قال : { كنا إذا صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم قلنا : السلام عليكم السلام عليكم ، فنظر إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما شأنكم تشيرون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس ، إذا سلم أحدكم فليلتفت إلى صاحبه ولا يومئ بيده } ، وفي لفظ { إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه ، ثم يسلم [ ص: 327 ] على أخيه من على يمينه وشماله } وروى أبو داود . قال : { أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نرد على الإمام ، وأن يسلم بعضنا على بعض . }

وهذا يدل على أنه يسن أن ينوي بسلامه على من معه من المصلين وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة . وقال أبو حفص بن المسلم - من أصحابنا - : ينوي بالأولى الخروج من الصلاة . وينوي بالثانية السلام على الحفظة والمأمومين ، إن كان إماما ، والرد على الإمام والحفظة ، إن كان مأموما . وقال ابن حامد : إن نوى في السلام الرد على الملائكة أو غيرهم من الناس مع نية الخروج من الصلاة ، فهل تبطل صلاته ؟ على وجهين :

أحدهما تبطل ; لأنه نوى السلام على آدمي ، أشبه ما لو سلم على من لا يصلي معه والصحيح ما ذكرناه ; فإن أحمد رحمه الله ، قال في رواية يعقوب : يسلم للصلاة ، وينوي في سلامه الرد على الإمام . رواها أبو بكر الخلال في كتابه . وقال في رواية إسحاق بن هانئ : إذا نوى بتسليمه الرد على الحفظة أجزأه . وقال : أيضا : ينوي بسلامه الخروج من الصلاة . قيل له : فإن نوى الملكين ، ومن خلفه ؟ قال : لا بأس ، والخروج من الصلاة نختار . وقد ذكرنا من الحديث ما يدل على مشروعية ذلك ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية