صفحة جزء
( 7255 ) فصل : وما عدا هذا من الأموال ، ففيه القطع ، سواء كان طعاما ، أو ثيابا ، أو حيوانا ، أو أحجارا ، أو قصبا ، أو صيدا ، أو نورة ، أو جصا ، أو زرنيخا ، أو توابل ، أو فخارا ، أو زجاجا ، أو غيره . وبهذا قال مالك ، والشافعي ، وأبو ثور .

وقال أبو حنيفة : لا قطع على سارق الطعام الرطب الذي يتسارع إليه الفساد ، كالفواكه ، والطبائخ ; لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا قطع في ثمر ولا كثر } . رواه أبو داود . ولأن هذا معرض للهلاك ، أشبه ما لم يحرز . ولا قطع فيما كان أصله مباحا في دار الإسلام ، كالصيود ، والخشب ، إلا في الساج والآبنوس ، والصندل ، والقنا ، والمعمول من الخشب ، فإنه يقطع به . وما عدا هذا لا يقطع به ; لأنه يوجد كثيرا مباحا في دار الإسلام ، فأشبه التراب . ولا قطع في القرون ، وإن كانت معمولة ; لأن الصنعة لا تكون غالبة عليها ، بل القيمة لها ، بخلاف معمول الخشب . ولا قطع عنده في التوابل ، والنورة ، والجص ، والزرنيخ ، والملح والحجارة ، واللبن ، والفخار ، والزجاج . وقال الثوري : ما يفسد في يومه ، كالثريد واللحم ، لا قطع فيه .

ولنا عموم قوله تعالى : { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } . وروى عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الثمر المعلق ، فذكر الحديث ، ثم قال : ومن سرق منه شيئا بعد أن يؤويه الجرين ، فبلغ ثمن المجن ، ففيه القطع } . رواه أبو داود ، وغيره . وروي أن عثمان رضي الله عنه أتي برجل قد سرق أترجة ، فأمر بها عثمان فأقيمت ، فبلغت قيمتها ربع دينار ، فأمر به عثمان فقطع . رواه سعيد . ولأن هذا مال يتمول في العادة ، ويرغب فيه ، فيقطع سارقه إذا اجتمعت الشروط ، كالمجفف ; ولأن ما وجب القطع في معموله ، وجب فيه قبل العمل ، كالذهب ، والفضة ، وحديثهم أراد به الثمر المعلق ; بدليل حديثنا ، فإنه مفسر له ، وتشبيهه بغير المحرز لا [ ص: 98 ] يصح ; لأن غير المحرز مضيع ، وهذا محفوظ ، ولهذا افترق سائر الأموال بالحرز وعدمه . وقولهم : يوجد مباحا في دار الإسلام . ينتقض بالذهب ، والفضة ، والحديد ، والنحاس ، وسائر المعادن . والتراب قد سبق القول فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية