صفحة جزء
( 7355 ) المسألة الثالثة أن الضرب بالسوط . ولا نعلم بين أهل العلم خلافا في هذا ، في غير حد الخمر . فأما حد الخمر ، فقال بعضهم : يقام بالأيدي والنعال وأطراف الثياب .

وذكر بعض أصحابنا أن للإمام فعل ذلك إذا رآه ; لما روى أبو هريرة ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي برجل قد شرب ، فقال : اضربوه قال : فمنا الضارب بيده ، والضارب بنعله ، والضارب بثوبه } . رواه أبو داود ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { إذا شرب الخمر ، فاجلدوه } والجلد إنما يفهم من إطلاقه الضرب بالسوط ; ولأنه أمر بجلده ، كما أمر الله تعالى بجلد الزاني ، فكان بالسوط مثله ، والخلفاء الراشدون ضربوا بالسياط ، وكذلك غيرهم ، فكان إجماعا .

فأما حديث أبي هريرة : فكان في بدء الأمر ، ثم جلد النبي صلى الله عليه وسلم واستقرت الأمور ، فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم { جلد أربعين } ، وجلد أبو بكر أربعين ، وجلد عمر ثمانين ، وجلد علي الوليد بن عقبة أربعين وفي حديث جلد قدامة ، حين شرب ، أن عمر قال : ائتوني بسوط . فجاءه أسلم مولاه بسوط دقيق صغير ، فأخذه عمر ، فمسحه بيده ، ثم قال لأسلم : أنا أحدثك ، إنك ذكرت قرابته لأهلك ، ائتني بسوط غير هذا . فأتاه به تاما ، فأمر عمر بقدامة فجلد إذا ثبت هذا ، فإن السوط يكون وسطا ، لا جديدا فيجرح ، ولا خلقا فيقل ألمه ; لما روي { أن رجلا اعترف عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بالزنا ، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوط ، فأتي بسوط مكسور ، فقال : فوق هذا . فأتي بسوط جديد لم تكسر ثمرته . فقال : بين هذين . } رواه مالك عن زيد بن أسلم مرسلا . وروي عن أبي هريرة مسندا . وقد روي عن علي رضي الله عنه أنه قال : ضرب بين ضربين ، وسوط بين سوطين وهكذا الضرب يكون وسطا ، لا شديد فيقتل ، ولا ضعيف فلا يردع . ولا يرفع باعه كل الرفع ، ولا يحطه فلا يؤلم . قال أحمد : لا يبدي إبطه في شيء من الحدود . يعني : لا يبالغ في رفع يده ، فإن المقصود أدبه ، لا قتله .

التالي السابق


الخدمات العلمية