صفحة جزء
( 7426 ) مسألة : قال : ( وتمام الرباط أربعون يوما ) معنى الرباط الإقامة بالثغر ، مقويا للمسلمين على الكفار . والثغر : كل مكان يخيف أهله العدو ويخيفهم . وأصل الرباط من رباط الخيل ; لأن هؤلاء يربطون خيولهم ، وهؤلاء يربطون خيولهم ، كل يعد لصاحبه ، فسمي المقام بالثغر رباطا وإن لم يكن فيه خيل . وفضله عظيم ، وأجره كبير .

قال أحمد : ليس يعدل الجهاد عندي والرباط شيء ، والرباط دفع عن المسلمين ; وعن حريمهم ، وقوة لأهل الثغر ولأهل الغزو ، فالرباط أصل الجهاد وفرعه ، والجهاد أفضل منه للعناء والتعب والمشقة . وقد روي في فضل الرباط أخبار ; منها ما روى سلمان ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم { يقول : رباط ليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه ، فإن مات جرى عليه عمله الذي يعمل ، وأجري عليه رزقه ، وأمن الفتان } . رواه مسلم . وعن فضالة بن عبيد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { كل ميت يختم على عمله ، إلا المرابط في سبيل الله ، فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة ، ويؤمن من فتان القبر . } رواه أبو داود ، والترمذي ، وقال : حديث حسن صحيح .

وعن عثمان بن عفان [ ص: 168 ] رضي الله عنه أنه قال على المنبر : إني كنت كتمتكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم كراهية تفرقكم عني ، ثم بدا لي أن أحدثكموه ، ليختار امرؤ منكم لنفسه ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم { يقول : رباط يوم في سبيل الله ، خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل . } رواه أبو داود ، والأثرم ، وغيرهما .

إذا ثبت هذا ; فإن الرباط يقل ويكثر ، فكل مدة أقامها بنية الرباط ، فهو رباط قل أو كثر ; ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم { رباط يوم ورباط ليلة . } قال أحمد : يوم رباط ، وليلة رباط ، وساعة رباط . وقال : عن أبي هريرة : ومن رابط يوما في سبيل الله ، كتب به أجر الصائم القائم ، ومن زاد ، زاده الله . وروى سعيد بن منصور ، بإسناده عن عطاء الخراساني ، عن أبي هريرة رباط يوم في سبيل الله ، أحب إلي من أن أوافق ليلة القدر في أحد المسجدين ، مسجد الحرام ، أو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن رابط أربعين يوما ، فقد استكمل الرباط . وتمام الرباط أربعون يوما .

روي ذلك عن أبي هريرة ، وابن عمر . وقد ذكرنا خبر أبي هريرة . وروى أبو الشيخ ، في " كتاب الثواب " ، بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { تمام الرباط أربعون يوما } . وروي عن نافع ، عن ابن عمر .

أنه قدم على عمر بن الخطاب من الرباط ، فقال له : كم رابطت ؟ قال : ثلاثين يوما . قال : عزمت عليك إلا رجعت حتى تتمها أربعين يوما . وإن رابط أكثر ، فله أجره ، كما قال أبو هريرة : ومن زاد ، زاده الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية