صفحة جزء
( 7427 ) : وأفضل الرباط المقام بأشد الثغور خوفا ; لأنهم أحوج ، ومقامه به أنفع . قال أحمد : أفضل الرباط أشدهم كلبا . وقيل لأبي عبد الله : فأين أحب إليك أن ينزل الرجل بأهله ؟ قال : كل مدينة معقل للمسلمين ، مثل دمشق . وقال : أرض الشام أرض المحشر ، ودمشق موضع يجتمع إليه الناس إذا غلبت الروم . قيل لأبي عبد الله : فهذه الأحاديث التي جاءت : " إن الله تكفل لي بالشام " . ونحو هذا ؟ قال : ما أكثر ما جاء فيه . وقيل له : إن هذا في الثغور . فأنكره ، وقال : أرض القدس أين هي ؟ " ولا يزال أهل الغرب ظاهرين " هم أهل الشام . ففسر أحمد الغرب في هذا الحديث بالشام ، وهو حديث صحيح ، رواه مسلم ،

وإنما فسره بذلك ; لأن الشام يسمى مغربا ، لأنه مغرب للعراق ، كما يسمى العراق مشرقا ، ولهذا قيل : ولأهل المشرق ذات عرق .

وقد جاء في حديث مصرحا به { : لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لا يضرهم من خذلهم ، حتى يأتي أمر الله وهم بالشام . } وفي الحديث ، عن مالك بن يخامر ، عن معاذ بن جبل ، قال : " وهم بالشام " . رواه البخاري ، في " صحيحه " . وفي خبر عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : لا تزال طائفة بدمشق ظاهرين . } أخرجه البخاري ، في " التاريخ " .

وقد رويت في الشام أخبار كثيرة ; منها حديث عبد الله بن حوالة الأزدي ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ستجندون أجنادا ; جندا بالشام ، وجندا بالعراق ، وجندا باليمن فقلت : خر لي يا رسول الله . قال : عليك بالشام ، فإنها خيرة الله من أرضه ، يجتبي إليها خيرته من عباده ، فمن أبى ، فليلحق باليمن ، ويسق من غدره ، فإن الله تكفل لي بالشام وأهله } .

رواه أبو داود بمعناه ، وكان أبو إدريس إذا روى هذا الخبر قال : ومن تكفل الله به ، فلا ضيعة عليه . وروي عن الأوزاعي ، قال : أتيت المدينة ، فسألت : من بها من العلماء ؟ فقيل : محمد بن المنكدر ، ومحمد بن كعب القرظي ، ومحمد بن علي بن عبد الله بن العباس ، ومحمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه . [ ص: 169 ] فقلت : والله لأبدأن بهذا قبلهم . فدخلت إليه ، فأخذ بيدي ، وقال : من أي إخواننا أنت ؟ قلت : من أهل الشام . قال : من أيهم ؟ قلت : من أهل دمشق . قال : حدثني أبي ، عن جدي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { يكون للمسلمين ثلاث معاقل ; فمعقلهم في الملحمة الكبرى التي تكون بعمق أنطاكية دمشق ، ومعقلهم من الدجال بيت المقدس ، ومعقلهم من يأجوج ومأجوج طور سيناء } . رواه أبو نعيم ، في " الحلية " ، وفي خبر آخر ، عن أبي الدرداء ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إن فسطاط المسلمين يوم الملحمة بالغوطة ، إلى جانب مدينة يقال لها : دمشق ، من خير مدائن الشام . } أخرجه أبو داود

. وروى سعيد بن منصور ، في " سننه " بإسناده عن أبي النضر ، أن عوف بن مالك ، { أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أوصني . قال : عليك بجبل الخمر . قال : وما جبل الخمر ؟ قال : أرض المحشر . } وبإسناده ، عن عطاء الخراساني : { بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : رحم الله أهل المقبرة . ثلاث مرات ، فسئل عن ذلك ، فقال : تلك مقبرة تكون بعسقلان . } فكان عطاء يرابط بها كل عام أربعين يوما حتى مات .

وروى الدارقطني ، في " كتابه المخرج على الصحيحين " ، بإسناده عن ابن عمر ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على مقبرة ، فقيل له : يا رسول الله ، أي مقبرة هي ؟ قال : مقبرة بأرض العدو ، يقال لها : عسقلان ، يفتتحها ناس من أمتي ، يبعث الله منها سبعين ألف شهيد ، فيشفع الرجل في مثل ربيعة ومضر ، ولكل عروس ، وعروس الجنة عسقلان } . وبإسناده ، عن ابن عباس رضي الله عنه { أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني أريد أن أغزو . فقال : عليك بالشام وأهله ، ثم الزم من الشام عسقلان ، فإنها إذا دارت الرحى في أمتي ، كان أهلها في راحة وعافية . }

التالي السابق


الخدمات العلمية