صفحة جزء
( 7431 ) : ( وإذا كان أبواه مسلمين ، لم يجاهد تطوعا إلا بإذنهما ) روي نحو هذا عن عمر ، وعثمان . وبه قال مالك ، والأوزاعي ، والثوري ، والشافعي ، وسائر أهل العلم . وقد روى عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : { جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أجاهد ؟ فقال : ألك أبوان ؟ قال : نعم . قال : ففيهما فجاهد . } . وعن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ، رواه الترمذي . وقال : حديث حسن صحيح . وفي رواية { : فقال : جئت أبايعك على الهجرة ، وتركت أبوي يبكيان . قال : ارجع إليهما ، فأضحكهما كما أبكيتهما . } وعن أبي سعيد ، { أن رجلا هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل لك باليمن أحد ؟ قال : نعم ، أبواي . قال : أذنا لك ؟ قال : لا . قال : فارجع ، فاستأذنهما ، فإن أذنا لك فجاهد ، وإلا فبرهما . } رواهن أبو داود . ولأن بر الوالدين فرض عين ، والجهاد فرض كفاية ، وفرض العين يقدم .

فأما إن كان أبواه غير مسلمين ، فلا إذن لهما . وبذلك قال الشافعي . وقال الثوري : لا يغزو إلا بإذنهما ; لعموم الأخبار . ولنا أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يجاهدون ، وفيهم من له أبوان كافران ، من غير استئذانهما ; منهم أبو بكر الصديق ، وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة ، كان مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر ، وأبوه رئيس المشركين يومئذ ، قتل ببدر ، وأبو عبيدة ، قتل أباه في الجهاد ، فأنزل الله تعالى { لا تجد قوما } . الآية ، وعموم الأخبار مخصص بما رويناه فأما [ ص: 171 ] إن كان أبواه رقيقين ، فعموم كلام الخرقي يقتضي وجوب استئذانهما ; لعموم الأخبار ، ولأنهما أبوان مسلمان ، فأشبها الحرين ، ويحتمل أن لا يعتبر إذنهما ; لأنه لا ولاية لهما . وإن كانا مجنونين فلا إذن لهما ; لأنه لا يمكن استئذانهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية