صفحة جزء
( 7449 ) مسألة وإذا حمل الرجل على دابة ، فإذا رجع من الغزو فهي له . إلا أن يقول : هي حبيس . فلا يجوز أن تباع إلا أن تصير في حال لا تصلح فيه للغزو ، فتباع ، وتجعل في حبيس آخر ، وكذلك المسجد إذا ضاق بأهله ، أو كان في مكان لا ينتفع به ، جاز أن يباع ، ويجعل في مكان ينتفع به ، وكذلك الأضحية إذا أبدلها بخير منها قوله :

حمل الرجل على دابة . يعني أعطيها ليغزو عليها ، فإذا غزا عليها ، ملكها كما يملك النفقة المدفوعة إليه ، إلا أن تكون عارية ، فتكون لصاحبها ، أو حبيسا فتكون حبيسا بحاله . قال عمر رضي الله عنه : حملت على فرس عتيق في سبيل الله ، فأضاعه صاحبه الذي كان عنده ، فأردت أن أشتريه ، وظننت أنه بائعه برخص ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : { لا تشتره ، ولا تعد في صدقتك ، وإن أعطاكه بدرهم ، فإن العائد في صدقته ، كالكلب يعود في قيئه } . متفق عليه .

وهذا يدل على أنه ملكه ، لولا ذلك ما باعه ، ويدل على أنه ملكه بعد الغزو ; لأنه أقامه للبيع بالمدينة ، ولم يكن ليأخذه من عمر ، ثم يقيمه للبيع في الحال ، فدل على أنه أقامه للبيع بعد غزوه عليه . وذكر أحمد نحوا من هذا الكلام . وسئل : متى يطيب له الفرس ؟ قال : إذا غزا عليه . قيل له : فإن العدو جاءنا فخرج على هذا الفرس في الطلب إلى خمسة فراسخ ثم رجع .

قال : لا ، حتى يكون غزو . قيل له : فحديث ابن عمر : إذا بلغت وادي القرى ، فشأنك به ، قال ابن عمر كان يصنع ذلك في ماله ، ورأى أنه إنما يستحقه إذا غزا عليه . وهذا قول أكثر أهل العلم ، منهم سعيد بن المسيب ، والقاسم ، ويحيى الأنصاري ، ومالك ، والليث ، والثوري . ونحوه عن الأوزاعي . قال ابن المنذر : ولم أعلم أحدا يقول : إن له أن يبيعه في مكانه .

وكان مالك لا يرى أن ينتفع بثمنه في غير سبيل الله ، إلا أن يقول له : شأنك به ما أردت . [ ص: 179 ] ولنا ، حديث عمر ، وليس فيه ما اشترط مالك ، فأما إذا قال : هي حبيس .

فلا يجوز بيعها ، وقد سبق شرح هذه المسألة في باب الوقف ، ويأتي شرح حكم الأضحية في بابها ، إن شاء الله ( 7450 ) فصل : قال أحمد : لا يركب دواب السبيل في حاجة ، ويركبها ويستعملها في سبيل الله ، ولا يركب في الأمصار والقرى ، ولا بأس أن يركبها ويعلفها ، وأكره سياق الرمك على الفرس الحبيس ، وسهم الفرس الحبيس لمن غزا عليه ، ولا يباع الفرس الحبيس إلا من علة ، إذا عطب يصير للطحن ، ويصير ثمنه في مثله ، أو ينفق ثمنه على الدواب الحبيس . وإذا أراد أن يشتري فرسا ليحمل عليه ، فقال أحمد : يستحب شراؤها من غير الثغر ، ليكون توسعة على أهل الثغر في الجلب .

التالي السابق


الخدمات العلمية