صفحة جزء
( 7460 ) فصل : ومن أسر أسيرا ، لم يكن له قتله ، حتى يأتي به الإمام ، فيرى فيه رأيه ; لأنه إذا صار أسيرا ، فالخيرة فيه إلى الإمام ، وقد روي عن أحمد كلام يدل على إباحة قتله ، فإنه قال : لا يقتل أسير غيره إلا أن يشاء الوالي . فمفهومه أن له قتل أسيره بغير إذن الوالي ; لأن له أن يقتله ابتداء ، فكان له قتله دواما ، كما لو هرب منه أو قاتله . فإن امتنع الأسير أن ينقاد معه ، فله إكراهه بالضرب وغيره ، فإن لم يمكنه إكراهه ، فله قتله .

وإن خافه أو خاف هربه ، فله قتله أيضا . وإن امتنع من الانقياد معه ، لجرح أو مرض ، فله قتله أيضا . وتوقف أحمد عن قتله . والصحيح أنه يقتله ، كما يذفف على جريحهم ، ولأن تركه حيا ضرر على المسلمين ، وتقوية للكفار ، فتعين القتل ، كحالة الابتداء إذا أمكنه قتله ، وكجريحهم إذا لم يأسره .

فأما أسير غيره ، فلا يجوز له قتله ، إلا أن يصير إلى حال يجوز قتله لمن أسره . وقد روى يحيى بن أبي كثير ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا يتعاطين أحدكم أسير صاحبه إذا أخذه فيقتله } . رواه سعيد . فإن قتل أسيره ، أو أسير غيره قبل ذلك ، أساء ، ولم يلزمه ضمانه .

وبهذا قال الشافعي . وقال الأوزاعي إن قتله قبل أن يأتي به الإمام ، لم يضمنه ، وإن قتله بعد ذلك غرم ثمنه ; لأنه أتلف من الغنيمة ما له قيمة ، فضمنه ، كما لو قتل امرأة [ ص: 183 ]

ولنا ، أن عبد الرحمن بن عوف ، أسر أمية بن خلف وابنه عليا يوم بدر ، فرآهما بلال ، فاستصرخ الأنصار عليهما حتى قتلوهما ، ولم يغرموا شيئا . ولأنه أتلف ما ليس بمال ، فلم يغرمه ، كما لو أتلفه قبل أن يأتي به الإمام ، ولأنه أتلف ما لا قيمة له قبل أن يأتي به الإمام ، فلم يغرمه ، كما لو أتلف كلبا ، فأماإن قتل امرأة أو صبيا ، غرمه ; لأنه كان رقيقا بنفس السبي .

التالي السابق


الخدمات العلمية