صفحة جزء
( 7465 ) فصل : قال أحمد : والنفل من أربعة أخماس الغنيمة . هذا قول أنس بن مالك ، وفقهاء الشام ; منهم رجاء بن حيوة ، وعبادة بن نسي ، وعدي بن عدي ، ومكحول ، والقاسم بن عبد الرحمن ، ويزيد بن أبي مالك ، ويحيى بن جابر ، والأوزاعي ، وبه قال إسحاق ، وأبو عبيد .

وقال أبو عبيد : والناس اليوم على هذا . قال أحمد : وكان سعيد بن المسيب ، ومالك بن أنس يقولان : لا نفل إلا من الخمس . فكيف خفي عليهما هذا مع علمهما ، وقال النخعي وطائفة : إن شاء الإمام نفلهم قبل الخمس ، وإن شاء بعده .

وقال أبو ثور : وإنما النفل قبل الخمس . واحتج من ذهب إلى هذا بحديث ابن عمر الذي أوردناه . ولنا ما روى معن بن يزيد السلمي ، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول : { لا نفل إلا بعد الخمس } . رواه أبو داود ، وابن عبد البر . وهذا صريح .

وحديث حبيب بن مسلمة { ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفل الربع بعد الخمس ، والثلث بعد الخمس } . وحديث جرير حين قال له عمر ولك الثلث بعد الخمس . ولأن النبي صلى الله عليه وسلم نفل الثلث ، ولا يتصور إخراجه من الخمس .

ولأن الله تعالى قال : { واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه } . يقتضي أن يكون الخمس خارجا من الغنيمة كلها . وأما حديث ابن عمر ، فقد رواه شعيب ، عن نافع عن ابن عمر ، قال : { بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيش [ ص: 188 ] قبل نجد ، وابتعثت سرية من الجيش ، فكان سهمان الجيش اثني عشر بعيرا ، ونفل أهل السرية بعيرا بعيرا ، فكانت سهمانهم ثلاثة عشر بعيرا . }

فهذا يمكن أن يكون نفلهم من أربعة أخماس الغنيمة دون بقية الجيش ، كما تنفل السرايا . ويتعين حمل الخبر على هذا ; لأنه لو أعطى جميع الجيش ، لم يكن ذلك نفلا ، وكان قد قسم لهم أكثر من أربعة الأخماس وهو خلاف الآية والأخبار ( 7466 ) فصل : وكلام أحمد في أن النفل من أربعة الأخماس ، عام ; لعموم الخبر فيه ، ويحتمل أن يحمل على القسمين الأولين من النفل ، فأما القسم الثالث ، وهو أن يقول : من جاء بشيء فله كذا ، أو : من جاء بعشرة رءوس فله رأس منها .

فيحتمل أن يستحق ذلك من الغنيمة كلها ; لأنه ينزل بمنزلة الجعل ، فأشبه السلب ، فإنه غير مخموس . ويحتمل في القسم الثاني ، وهو زيادة بعض الغانمين على سهمه لغنائه ، أن يكون من خمس الخمس المعد للمصالح ; لأن عطية هذا من المصالح . والمذهب المنصوص عليه الأول ; لأن عطية سلمة بن الأكوع ، سهم الفارس زيادة على سهمه ، إنما كان من أربعة الأخماس . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية