صفحة جزء
( 7475 ) مسألة قال : ( والدابة وما عليها من آلتها من السلب ، إذا قتل وهو عليها ، وكذلك ما عليه من السلاح والثياب وإن كثر ، فإن كان معه مال لم يكن من السلب . وقد روي عن أبي عبد الله رحمه الله رواية أخرى ، أن الدابة ليست من السلب ) وجملته أن

السلب ما كان القتيل لابسا له ، من ثياب ، وعمامة ، وقلنسوة ومنطقة ، ودرع ، ومغفر ، وبيضة ، وتاج ، وأسورة ورأن ، وخف ، بما في ذلك من حلية ، ونحو ذلك ; لأن المفهوم من السلب اللباس ، وكذلك السلاح ; من السيف ، والرمح ، والسكين ، واللت ، ونحوه ، لأنه يستعين به في قتاله ، فهو أولى بالأخذ من اللباس ، وكذلك الدابة ; لأنه يستعين بها ، فهي كالسلاح وأبلغ منه ، ولذلك استحق بها زيادة السهمان ، بخلاف السلاح . فأما المال الذي معه في كمرانه وخريطته ، فليس بسلب ; لأنه ليس من الملبوس ، ولا مما يستعين به في الحرب ، وكذلك رحله وأثاثه ، وما ليست يده [ ص: 194 ] عليه من ماله ليس من سلبه . وبهذا قال الأوزاعي ، ومكحول ، والشافعي ، إلا أن الشافعي قال : ما لا يحتاج إليه في الحرب ، كالتاج ، والسوار ، والطوق ، والهميان الذي للنفقة ، ليس من السلب في أحد القولين ; لأنه مما لا يستعان به في الحرب ، فأشبه المال الذي في خريطته .

ولنا ، أن في حديث البراء ، أنه بارز مرزبان الزأرة ، فقتله ، فبلغ سواراه ومنطقته ثلاثين ألفا ، فخمسه عمر ، ودفعه إليه . وفي حديث عمرو بن معدي كرب ، أنه حمل على أسوار فطعنه ، فدق صلبه فصرعه ، فنزل إليه فقطع يده ، وأخذ سوارين كانا عليه ، ويلمقا من ديباج ، وسيفا ، ومنطقة ، فسلم له ذلك .

ولأنه ملبوس له ، فأشبه ثيابه ، ولأنه داخل في اسم السلب ، فأشبه الثياب والمنطقة ، ويدخل في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : { فله سلبه } . واختلفت الرواية عن أحمد ، في الدابة ، فنقل عنه أنها ليست من السلب . وهو اختيار أبي بكر ; لأن السلب ما كان على يديه ، والدابة ليست كذلك ، فلا يدخل في الخبر . قال : وذكر عبد الله حديث عمرو بن معدي كرب ، فأخذ سواريه ومنطقته . ولم يذكر فرسه .

ولنا ما روى عوف بن مالك ، قال : " خرجت مع زيد بن حارثة ، في غزوة مؤتة ، ورافقني مددي من أهل اليمن ، فلقينا جموع الروم ، وفيهم رجل على فرس أشقر ، عليه سرج مذهب ، وسلاح مذهب ، فجعل يغري بالمسلمين ، وقعد له المددي خلف صخرة ، فمر به الرومي ، فعرقب فرسه ، فعلاه فقتله ، وحاز فرسه وسلاحه ، فلما فتح الله للمسلمين ، بعث إليه خالد بن الوليد ، فأخذ من السلب ، قال عوف : فأتيته فقلت له : يا خالد ، أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل ؟ قال : بلى . رواه الأثرم .

وفي حديث شبر بن علقمة ، أنه أخذ فرسه . كذلك قال أحمد : هو فيه . ولأن الفرس يستعان بها في الحرب ، فأشبهت السلاح ، وما ذكروه يبطل بالرمح والقوس واللت ، فإنها من السلب وليست ملبوسة . إذا ثبت هذا ، فإن الدابة وما عليها ; من سرجها ، ولجامها وتجفيفها ، وحلية إن كانت عليها ، وجميع آلتها من السلب ; لأنه تابع لها ، ويستعان به في الحرب ، وإنما يكون من السلب إذا كان راكبا عليها ، فإن كانت في منزله أو مع غيره ، أو منفلتة ، لم تكن من السلب ، كالسلاح الذي ليس معه ، وإن كان راكبا عليها فصرعه عنها ، أو أشعره عليها ، ثم قتله بعد نزوله عنها ، فهي من السلب . وهكذا قول الأوزاعي .

وإن كان ممسكا بعنانها ، غير راكب عليها ، فعن أحمد فيها روايتان ; إحداهما ، من السلب . وهو قول الشافعي ; لأنه متمكن من القتال عليها ، فأشبهت سيفه أو رمحه في يده . والثانية ، ليست من السلب . وهو ظاهر كلام الخرقي ، واختيار الخلال ; لأنه ليس براكب عليها ، فأشبه ما لو كانت مع غلامه . وإن كان على فرس ، وفي يده جنيبة ، لم تكن الجنيبة من السلب ، لأنه لا يمكنه ركوبهما معا .

التالي السابق


الخدمات العلمية