صفحة جزء
( 7521 ) مسألة قال : ( وإذا أحرزت الغنيمة ، لم يكن فيها لمن جاءهم مددا ، أو هرب من أسر حظ ) وجملة ذلك أن الغنيمة لمن حضر الموقعة ، فمن تجدد بعد ذلك من مدد يلحق بالمسلمين ، أو أسر ينفلت من الكفار ، فيلحق بجيش المسلمين ، أو كافر يسلم ، فلا حق لهم فيها . وبهذا قال الشافعي .

وقال أبو حنيفة في المدد : إن لحقهم قبل القسمة أو إحرازها بدار الإسلام ، شاركهم ; لأن تمام ملكها بتمام الاستيلاء ، وهو الإحراز إلى دار الإسلام ، أو قسمتها ، فمن جاء قبل ذلك فقد أدركها قبل ملكها ، فاستحل منها ، كما لو جاء في أثناء الحرب .

وإن مات أحد من العسكر قبل ذلك ، فلا شيء له ; لما ذكرنا ، وقد روى الشعبي ، أن عمر رضي الله عنه كتب إلى سعد ، أسهم لمن أتاك قبل أن تتفقأ قتلى فارس ، ولنا ، ما روى أبو هريرة ، { أن أبان بن سعيد بن العاص وأصحابه ، قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر ، بعد أن فتحها ، فقال أبان : اقسم لنا يا رسول الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اجلس يا أبان . ولم يقسم له رسول الله صلى الله عليه وسلم } . رواه أبو داود

وعن طارق بن شهاب ، أن أهل البصرة غزوا نهاوند ، فأمدهم أهل الكوفة ، فكتب في ذلك إلى عمر ، رضي الله عنه فكتب عمر : إن الغنيمة لمن شهد الوقعة . رواه سعيد ، في " سننه " . وروي نحوه عن عثمان في غزوة أرمينية ، [ ص: 211 ] ولأنه مدد لحق بعد تقضي الحرب ، أشبه ما لو جاء بعد القسمة ، أو بعد إحرازها بدار الإسلام ، ولأن سبب ملكها الاستيلاء عليها ، وقد حصل قبل مجيء المدد . وقولهم : إن ملكها بإحرازها إلى دار الإسلام

ممنوع ، بل هو بالاستيلاء ، وقد استولى عليها الجيش قبل المدد ، وحديث الشعبي مرسل يرويه المجالد ، وقد تكلم فيه ، ثم هم لا يعملون به ، ولا نحن ، فقد حصل الإجماع منا على خلافه ، فكيف يحتج به ؟

( 7522 ) فصل : وحكم الأسير يهرب إلى المسلمين حكم المدد ، سواء قاتل أو لم يقاتل .

وقال أبو حنيفة : لا يسهم له إلا أن يقاتل ; لأنه لم يأت للقتال بخلاف المدد . ولنا ، أن من استحق إذا قاتل استحق وإن لم يقاتل ، كالمدد ، وسائر من حضر الوقعة .

( 7523 ) فصل : وإن لحقهم المدد بعد تقضي الحرب ، وقبل حيازة الغنيمة ، أو جاءهم أسير ، فظاهر كلام الخرقي ، أنه يشاركهم ; لأنه جاء قبل إحرازها .

وقال القاضي : تملك الغنيمة بانقضاء الحرب قبل حيازتها . فعلى هذا لا يسهم لهم . وإن حازوا الغنيمة ، ثم جاءهم قوم من الكفار يقاتلونهم ، فأدركهم المدد ، فقاتلوا معهم ، فقد نص أحمد ، على أنه لا شيء للمدد .

فإنه قال : إذا غنم المسلمون غنيمة ، فلحقهم العدو وجاء المسلمين مدد ، فقاتلوا العدو معهم حتى سلموا الغنيمة ، فلا شيء لهم في الغنيمة ; لأنهم إنما قاتلوا عن أصحابهم ، ولم يقاتلوا عن الغنيمة ; لأن الغنيمة قد صارت في أيديهم وحووها . قيل له : فإن أهل المصيصة غنموا ثم استنقذ منهم العدو ، فجاء أهل طرسوس ، فقاتلوا معهم حتى استنقذوه ؟ فقال : أحب إلى أن يصطلحوا ، .

أما في الصورة الأولى ، فإن الأولين قد أحرزوا الغنيمة وملكوها بحيازتهم ، فكانت لهم دون من قاتل معهم . أما في الصورة الثانية ، فإنما حصلت الغنيمة بقتال الذين استنقذوها في المرة الثانية ، فينبغي أن يشتركوا فيها ، لأن الإحراز الأول قد زال بأخذ الكفار لها ، ويحتمل أن الأولين قد ملكوها بالحيازة الأولى ، ولم يزل ملكهم بأخذ الكفار لها منهم ، فلهذا أحب أن يصطلحوا عليها .

التالي السابق


الخدمات العلمية