صفحة جزء
( 7563 ) مسألة : قال : ( ومن فضل معه من الطعام ، فأدخله البلد ، طرحه في مقسم تلك الغزاة ، في إحدى الروايتين ) والأخرى ، يباح له أكله إذا كان يسيرا . أما الكثير ، فيجب رده ، بغير خلاف نعلمه ; لأن ما كان مباحا له في دار الحرب ، فإذا أخذه على وجه يفضل منه كثير إلى دار الإسلام ، فقد أخذ ما لا يحتاج إليه ، فيلزمه رده ; لأن الأصل تحريمه ، لكونه مشتركا بين الغانمين ، كسائر المال .

وإنما أبيح منه ما دعت الحاجة إليه ، فما زاد يبقى على أصل التحريم ، ولهذا لم يبح له بيعه . وأما اليسير ، ففيه روايتان ; إحداهما ، يجب رده أيضا ، وهو اختيار أبي بكر ، وقول أبي حنيفة ، وابن المنذر ، وأحد قولي الشافعي ، وأبي ثور ; لما ذكرنا في الكثير ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أدوا الخيط والمخيط } .

ولأنه من الغنيمة ، ولم يقسم ، فلم يبح في دار الإسلام كالكبير ، أو كما لو أخذه في دار الإسلام . والثانية ، يباح . وهو قول مكحول ، وخالد بن معدان ، وعطاء الخراساني ، ومالك ، والأوزاعي . قال أحمد : أهل الشام يتساهلون في هذا . وقد روى القاسم بن عبد الرحمن ، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : كنا نأكل الجزور في الغزو ، ولا نقسمه ، حتى أن كنا لنرجع إلى رحالنا وأخرجتنا مملأة . رواه سعيد ، وأبو داود .

وعن عبد الله بن يسار السلمي ، قال : دخلت على رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقدم إلي تميرا من تمير الروم ، فقلت : لقد سبقت الناس بهذا . قال : ليس هذا من العام ، هذا من العام الأول . رواه الأثرم ، في " سننه " . وقال الأوزاعي : أدركت الناس [ ص: 227 ] يقدمون بالقديد ، فيهديه بعضهم إلى بعض ، لا ينكره إمام ولا عامل ولا جماعة . وهذا نقل للإجماع .

ولأنه أبيح إمساكه عن القسمة ، فأبيح في دار الإسلام ، كمباحات دار الحرب التي لا قيمة لها فيها . ويفارقه الكبير فإنه لا يجوز إمساكه عن القسمة ، ولأن اليسير تجري المسامحة فيه ، ونفعه قليل ، بخلاف الكثير .

التالي السابق


الخدمات العلمية