صفحة جزء
( 812 ) الفصل الثاني : في الفضيلة ، وهو أن يصلي في ثوبين أو أكثر . فإنه إذا أبلغ في الستر . لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال : إذا أوسع الله فأوسعوا ، جمع رجل عليه ثيابه ، صلى رجل في إزار ورداء في إزار وقميص ، في إزار وقباء ، في سراويل ورداء ، في سراويل وقميص ، في سراويل وقباء ، في تبان وقميص . وروى أبو داود عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال : قال عمر : { إذا كان لأحدكم ثوبان فليصل فيهما ، فإن لم يكن إلا ثوب واحد فليتزر به ، ولا يشتمل اشتمال اليهود } .

قال التميمي : الثوب الواحد يجزئ ، والثوبان [ ص: 340 ] أحسن ، والأربع أكمل ; قميص وسراويل وعمامة وإزار . وروى ابن عبد البر عن ابن عمر أنه رأى نافعا يصلي في ثوب واحد ، قال : ألم تكتس ثوبين ؟ قلت : بلى . قال : فلو أرسلت في الدار ، أكنت تذهب في ثوب واحد ؟ قلت لا . قال : فالله أحق أن تتزين له أو الناس ؟ قلت : بل الله .

وقال القاضي : وذلك في الإمام آكد منه في غيره ; لأنه بين يدي المأمومين ، وتتعلق صلاتهم بصلاته . فإن لم يكن إلا ثوب واحد فالقميص أولى ; لأنه أعم في الستر ، فإنه يستر جميع الجسد إلا الرأس والرجلين ، ثم الرداء ; لأنه يليه في الستر ، ثم المئزر أو السراويل . ولا يجزئ من ذلك كله إلا ما ستر العورة عن غيره وعن نفسه ، فلو صلى في قميص واسع الجيب بحيث لو ركع أو سجد رأى عورته ، أو كانت بحيث يراها ، لم تصح صلاته ، ودل على ذلك حديث { سلمة بن الأكوع أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أصلي في القميص الواحد ؟ قال : نعم ، وازرره ولو بشوكة } . قال الأثرم : سئل أحمد عن الرجل يصلي في القميص الواحد غير مزرور عليه ؟ قال : ينبغي أن يزره .

قيل له : فإن كانت لحيته تغطيه ، ولم يكن متسع الجيب ؟ قال : إن كان يسيرا فجائز . فعلى هذا متى ظهرت عورته له أو لغيره فسدت صلاته . فإن لم تظهر لكون جيب القميص ضيقا ، أو شد وسطه بمئزر أو حبل فوق الثوب ، أو كان ذا لحية تسد الجيب فتمنع الرؤية ، أو شد إزاره ، أو ألقى على جيبه رداء أو خرقة ، فاستترت عورته ، أجزأه ذلك . وهذا مذهب الشافعي .

التالي السابق


الخدمات العلمية