صفحة جزء
( 7566 ) مسألة ; قال : ( وإذا سبى المشركون من يؤدي إلينا الجزية ، ثم قدر عليهم ، ردوا إلى ما كانوا عليه ، ولم يسترقوا ، وما أخذه العدو منهم من مال أو رقيق ، رد إليهم ، إذا علم به قبل أن يقسم ، ويفادى بهم بعد أن يفادى بالمسلمين ) وجملة ذلك أن أهل الحرب إذا استولوا على أهل ذمتنا ، فسبوهم ، وأخذوا أموالهم ، ثم قدر عليهم وجب ردهم إلى ذمتهم ، ولم يجز استرقاقهم . في قول عامة أهل العلم ; منهم الشعبي ، ومالك ، والليث ، والأوزاعي ، والشافعي ، [ ص: 228 ] وإسحاق ، ولا نعلم لهم مخالفا ; وذلك لأن ذمتهم باقية ، ولم يوجد منهم ما يوجب نقضها .

وحكم أموالهم ، حكم أموال المسلمين في حرمتها . قال علي رضي الله عنه : إنما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا ، وأموالهم كأموالنا . فمتى علم صاحبها قبل قسمها وجب ردها إليه ، وإن علم بعد القسمة ، فعلى الروايتين ; إحداهما ، لا حق له فيه . والثانية ، هو له بثمنه ; لأن أموالهم معصومة كأموال المسلمين .

وأما فداؤهم ، فظاهر كلام الخرقي ، أنه يجب فداؤهم ، سواء كانوا في معونتنا أو لم يكونوا . وهذا قول عمر بن عبد العزيز ، والليث ; لأننا التزمنا حفظهم ، بمعاهدتهم ، وأخذ جزيتهم ، فلزمنا القتال من ورائهم ، والقيام دونهم ، فإذا عجزنا عن ذلك ، وأمكننا تخليصهم ، لزمنا ذلك ، كمن يحرم عليه إتلاف شيء ، فإذا أتلفه غرمه . وقال القاضي : إنما يجب فداؤهم إذا استعان بهم الإمام في قتاله فسبوا وجب عليه فداؤهم ; لأن أسرهم كان لمعنى من جهته . وهو المنصوص عن أحمد .

ومتى وجب فداؤهم ، فإنه يبدأ بفداء المسلمين قبلهم ; لأن حرمة المسلم أعظم ، والخوف عليه أشد ، وهو معرض لفتنته عن دين الحق ، بخلاف أهل الذمة .

( 7567 ) فصل : ويجب فداء أسرى المسلمين إذا أمكن . وبهذا قال عمر بن عبد العزيز ، ومالك ، وإسحاق . ويروي عن ابن الزبير ، أنه سأل الحسن بن علي : على من فكاك الأسير ؟ قال : على الأرض التي يقاتل عليها .

وثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أطعموا الجائع ، وعودوا المريض ، وفكوا العاني } . وروى سعيد ، بإسناده عن حبان بن أبي جبلة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إن على المسلمين في فيئهم أن يفادوا أسيرهم ، ويؤدوا عن غارمهم } . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كتب كتابا بين المهاجرين والأنصار " أن يعقلوا معاقلهم ، وأن يفكوا عانيهم بالمعروف " . وفادى النبي صلى الله عليه وسلم رجلين من المسلمين بالرجل الذي أخذه من بني عقيل ، وفادى بالمرأة التي استوهبها من سلمة بن الأكوع رجلين .

التالي السابق


الخدمات العلمية