صفحة جزء
( 7569 ) مسألة ; قال : ( ومن اشترى من المغنم في بلاد الروم ، فغلب عليه العدو ، لم يكن عليه شيء من الثمن ، وإن كان قد أخذ منه الثمن ، رد إليه ) [ ص: 229 ] وجملته أن الأمير إذا باع من المغنم شيئا قبل قسمه لمصلحة ، صح بيعه ، فإن عاد الكفار ، فغلبوا على المبيع ، فأخذوه من المشتري في دار الحرب ، نظرنا ; فإن كان لتفريط من المشتري ، مثل أن خرج به من المعسكر ، ونحو ذلك ، فضمانه عليه ; لأن ذهابه حصل بتفريطه ، فكان من ضمانه ، كما لو أتلفه ، وإن حصل بغير تفريط ، ففيه روايتان ; إحداهما ، ينفسخ البيع ، ويكون من ضمان أهل الغنيمة ، فإن كان الثمن لم يؤخذ من المشتري ، سقط عنه ، وإن كان أخذ منه ، رد إليه ; لأن القبض لم يكمل ، لكون المال في دار الحرب غير محرز ، وكونه على خطر من العدو ، فأشبه التمر المبيع على رءوس الشجر إذا تلف قبل الجذاذ .

والثانية ، هو من ضمان المشتري ، وعليه ثمنه . وهذا أكثر الروايات عن أحمد . واختاره الخلال ، وأبو بكر صاحبه . وهو مذهب الشافعي ; لأنه مال مقبوض ، أبيح لمشتريه ، فكان ضمانه عليه ، كما لو أحرز إلى دار الإسلام ، ولأن أخذ العدو له تلف ، فلم يضمنه البائع ، كسائر أنواع التلف ، ولأن نماءه للمشتري ، فكان ضمانه عليه ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { الخراج بالضمان } .

( 7570 ) فصل : وإذا قسمت الغنائم في دار الحرب ، جاز لمن أخذ سهمه التصرف فيه ، بالبيع وغيره . فإن باع بعضهم بعضا شيئا منها ، فغلب عليه العدو ، ففي ضمان البائع له وجهان ; بناء على الروايتين في التي قبلها .

وإن اشتراه مشتر من المشتري ، فكذلك ، فإذا قلنا : هو من ضمان البائع . رجع الثاني على البائع الأول ، بما رجع به عليه .

( 7571 ) فصل : قال أحمد ، في الرجل يشتري الجارية من المغنم ، معها الحلي في عنقها والثياب : يرد ذلك في المغنم ، إلا شيئا تلبسه ، من قميص ومقنعة وإزار . وهذا قول حكيم بن حزام ، ومكحول ، ويزيد بن أبي مالك ، والمتوكل ، وإسحاق ، وابن المنذر . ويشبه قول الشافعي .

واحتج إسحاق بقول النبي صلى الله عليه وسلم : { من باع عبدا ، وله مال ، فماله للبائع } . وقال الشعبي : يجعله في بيت المال . وكان مالك يرخص في اليسير ، كالقرطين وأشباههما ، ولا يرى ذلك في الكثير . ويمكن أن يفصل القول في هذا ، فيقال : ما كان عليها ظاهرا مرئيا ، يشاهده البائع والمشتري ، كالقرط والخاتم والقلادة ، فهو للمشتري ; لأن الظاهر أن البائع إنما باعها بما عليها ، والمشتري اشتراها بذلك ، فيدخل في البيع ، كثياب البذلة وحلية السيف ، وما خفي فلم يعلم به البائع ، رده ; لأن البيع وقع عليها بدونه ، فلم يدخل في البيع ، كجارية أخرى . ( 7572 ) .

فصل : قال أحمد : لا يجوز لأمير الجيش أن يشتري من مغنم المسلمين شيئا ; لأنه يحابى ، ولأن عمر رد ما اشتراه ابنه في غزوة جلولاء ، وقال : إنه يحابى . احتج به أحمد . ولأنه هو البائع أو وكيله ، فكأنه يشتري من نفسه أو وكيل نفسه . قال أبو داود : قيل لأبي عبد الله : إذا قوم أصحاب المغانم شيئا معروفا ، فقالوا في جلود الماعز بكذا . والخرفان بكذا . يحتاج إليه ، يأخذه بتلك القيمة ، ولا يأتي المغانم ؟ فرخص فيه . وذلك لأنه يشق الاستئذان فيه ، فسومح فيه ، كما سومح في دخول الحمام ، وركوب سفينة الملاح ، من غير تقدير أجرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية