صفحة جزء
( 7585 ) مسألة ; قال : ولا يتزوج في أرض العدو ، إلا أن تغلب عليه الشهوة ، فيتزوج مسلمة ، ويعزل عنها . ولا يتزوج منهم ، ومن اشترى منهم جارية ، لم يطأها في الفرج ، وهو في أرضهم يعني - والله أعلم - من دخل أرض العدو بأمان ، فأما إن كان في جيش المسلمين ، فمباح له أن يتزوج . وقد روي عن سعيد بن أبي هلال ، أنه بلغه ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج أبا بكر أسماء ابنة عميس ، وهم تحت الرايات } . أخرجه سعيد . ولأن الكفار لا يد لهم عليه ، فأشبه من في دار الإسلام .

وأما الأسير ، فظاهر كلام أحمد أنه لا يحل له التزوج ما دام أسيرا ، لأنه منعه من وطء امرأته إذا أسرت معه ، مع [ ص: 235 ] صحة نكاحهما . وهذا قول الزهري ، فإنه قال : لا يحل للأسير أن يتزوج ، ما كان في أيدي العدو . وكره الحسن أن يتزوج ما دام في أرض المشركين ; لأن الأسير إذا ولد له ولد كان رقيقا لهم ، ولا يأمن أن يطأ امرأته غيره منهم . وسئل أحمد عن أسير اشتريت معه امرأته ، أيطؤها ؟ فقال : كيف يطؤها ، فلعل غيره منهم يطؤها ، قال الأثرم : قلت له : ولعلها تعلق بولد ، فيكون معهم .

قال : وهذا أيضا . وأما الذي يدخل إليهم بأمان ، كالتاجر ونحوه ، فهو الذي أراد الخرقي ، إن شاء الله تعالى ، فلا ينبغي له التزوج ; لأنه لا يأمن أن تأتي امرأته بولد فيستولي عليه الكفار ، وربما نشأ بينهم ، فيصير على دينهم . فإن غلبت عليه الشهوة ، أبيح له نكاح مسلمة ; لأنها حال ضرورة ، ويعزل عنها ، كي لا تأتي بولد . ولا يتزوج منهم ; لأن امرأته إذا كانت منهم ، غلبته على ولدها ، فيتبعها على دينها .

وقال القاضي ، في قول الخرقي : هذا نهي كراهة ، لا نهي تحريم ; لأن الله تعالى قال : { وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم } . ولأن الأصل الحل ، فلا يحرم بالشك والتوهم ، وإنما كرهنا له التزوج منهم مخافة أن يغلبوا على ولده ، فيسترقوه ، ويعلموه الكفر ، ففي تزويجه تعريض لهذا الفساد العظيم ، وازدادت الكراهة إذا تزوج منهم ; لأن الظاهر أن امرأته تغلبه على ولدها ، فتكفره ، كما أن حكم الإسلام تغليب الإسلام فيما إذا أسلم أحد الأبوين ، أو تزوج المسلم ذمية ، وإذا اشترى منهم جارية ، لم يطأها في الفرج في أرضهم ، مخافة أن يغلبوه على ولدها ، فيسترقوه ، ويكفروه .

التالي السابق


الخدمات العلمية