صفحة جزء
( 816 ) فصل : ويباح العلم الحرير في الثوب إذا كان أربع أصابع فما دون ; لما روي عن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه أنه قال : { نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحرير إلا موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع . } رواه أبو داود ، والترمذي وقال : حديث حسن صحيح . وفي التنبيه . يباح وإن كان مذهبا ، وكذلك القول في الرقاع ، ولبنة الجيب ، وسجف الفراء وغيرها ; لأنه داخل فيما تناوله الحديث .

فصل : فإن لبس الحرير للقمل أو الحكة أو المرض ينفعه لبس الحرير جاز ، في إحدى الروايتين ; لأن أنسا روى { أن عبد الرحمن بن عوف ، والزبير بن العوام ، شكوا القمل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرخص لهما في قمص الحرير في غزاة [ ص: 343 ] لهما ، } وفي رواية : شكيا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القمل فرخص لهما في قمص الحرير ، ورأيته عليهما . متفق عليه . وما ثبت في حق صحابي ثبت في حق غيره ، ما لم يقم دليل التخصيص ، وغير القمل الذي ينفع فيه لبس الحرير في معناه . فيقاس عليه .

والرواية الأخرى ، لا يباح لبسه للمرض ; لاحتمال أن تكون الرخصة خاصة لهما ، وهو قول مالك والأول أصح ; إن شاء الله تعالى ; لأن تخصيص الرخصة بها على خلاف الأصل .

فأما لبسه للحرب ، فإن كان به حاجة إليه ، كأن كان بطانة لبيضة أو درع ونحوه ، أبيح . قال بعض أصحابنا : يجوز مثل ذلك من الذهب ; كدرع مموه بالذهب ، وهو لا يستغني عن لبسه ، وهو محتاج إليه . وإن لم يكن به حاجة إليه ، فعلى وجهين : أحدهما يباح لأن المنع من لبسه للخيلاء ، وكسر قلوب الفقراء ، والخيلاء في وقت الحرب غير مذموم قال النبي صلى الله عليه وسلم حين رأى بعض أصحابه يمشي بين الصفين يختال في مشيته : " إنها لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموطن " .

والثاني ، يحرم ; لعموم الخبر . وظاهر كلام أحمد ، رحمه الله ، إباحته مطلقا ، وهو قول عطاء ، قال الأثرم : سمعت أبا عبد الله يسأل عن لبس الحرير في الحرب ؟ فقال : أرجو أن لا يكون به بأس . وروى الأثرم بإسناده عن عروة ، أنه كان له يلمق من ديباج ، بطانته سندس ، محشو قزا ، كان يلبسه في الحرب .

التالي السابق


الخدمات العلمية