صفحة جزء
( 7689 ) فصل : ولا يجوز لأحد منهم سكنى الحجاز ( أهل الكتاب ) . وبهذا قال مالك ، والشافعي . إلا أن مالكا قال : أرى أن يجلوا من أرض العرب كلها ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { لا يجتمع دينان في جزيرة العرب } . وروى أبو داود ، بإسناده عن عمر ، أنه { سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب ، فلا أترك فيها إلا مسلما } . قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح .

وعن ابن عباس ، قال : { أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أشياء ، قال : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم } . وسكت عن الثالث . رواه أبو داود .

وجزيرة العرب ما بين الوادي إلى أقصى اليمن . قاله سعيد بن عبد العزيز . وقال الأصمعي وأبو عبيد : هي من ريف العراق إلى عدن طولا ، ومن تهامة وما وراءها إلى أطراف الشام عرضا . وقال أبو عبيدة : هي من حفر أبي موسى إلى اليمن طولا ، ومن رمل تبرين إلى منقطع السماوة عرضا . قال الخليل : إنما قيل لها جزيرة ; لأن بحر الحبش وبحر فارس والفرات قد أحاطت بها ، ونسبت إلى العرب ، لأنها أرضها ومسكنها ومعدنها .

وقال أحمد : جزيرة العرب المدينة وما والاها . يعني أن الممنوع من سكنى الكفار المدينة وما والاها ، وهو مكة واليمامة ، وخيبر والينبع وفدك ومخاليفها ، وما والاها . وهذا قول الشافعي ; لأنهم لم يجلوا من تيماء ، ولا من اليمن [ ص: 286 ]

وقد روي عن أبي عبيدة بن الجراح ، أنه قال : { إن آخر ما تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم . أنه قال : أخرجوا اليهود من الحجاز } . فأما إخراج أهل نجران منه ، فلأن النبي صلى الله عليه وسلم صالحهم على ترك الربا ، فنقضوا عهده . فكأن جزيرة العرب في تلك الأحاديث أريد بها الحجاز ، وإنما سمي حجازا ، لأنه حجز بين تهامة ونجد . ولا يمنعون أيضا من أطراف الحجاز ، كتيماء وفيد ونحوهما ; لأن عمر لم يمنعهم من ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية