صفحة جزء
( 7721 ) مسألة قال ( وإذا رمى ، فغاب عن عينه فوجده ميتا سهمه فيه ولا أثر به غيره حل أكله ) هذا هو المشهور عن أحمد ، وكذلك لو أرسل كلبه على صيد ، فغاب عن عينه ، ثم وجده ميتا ، ومعه كلبه ، حل . وهذا قول الحسن ، وقتادة . وعن أحمد ، إن غاب نهارا ، فلا بأس ، وإن غاب ليلا ، لم يأكله .

وعن مالك كالروايتين . وعن أحمد ما يدل على أنه إن غاب مدة طويلة ، لم يبح ، وإن كانت يسيرة ، أبيح ; لأنه قيل له : إن غاب يوما ؟ قال : يوم كثير . ووجه ذلك قول ابن عباس : إذا رميت فأقعصت ، فكل ، وإن رميت فوجدت فيه سهمك من يومك أو ليلتك ، فكل ، وإن بات عنك ليلة ، فلا تأكل ; فإنك لا تدري ما حدث فيه بعد ذلك . وكره عطاء والثوري أكل ما غاب . وعن أحمد مثل ذلك .

وللشافعي فيه قولان ; لأن ابن عباس قال : كل ما أصميت ، وما أنميت فلا تأكل . قال الحكم : الإصماء : الإقعاص . يعني أنه يموت في الحال . والإنماء أن يغيب عنك . يعني أنه لا يموت في الحال قال الشاعر :

فهو لا تنمي رميته ماله لا عد من نفره

وقال أبو حنيفة : يباح إن لم يكن ترك طلبه ، وإن تشاغل عنه ثم وجده ، لم يبح .

ولنا ، ما روى عدي بن حاتم ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إذا رميت الصيد ، فوجدته بعد يوم أو يومين ، ليس به إلا أثر سهمك ، فكل ، وإن وجدته غريقا في الماء ، فلا تأكل } . متفق عليه .

وعن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، { أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، أفتني في سهمي . قال : ما رد عليك سهمك ، فكل . قال : وإن تغيب عني ؟ قال : وإن تغيب عنك ، ما لم تجد فيه أثرا غير سهمك ، أو تجده قد صل } . رواه أبو داود . وعن أبي ثعلبة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إذا رميت الصيد ، فأدركته بعد ثلاث وسهمك فيه ، فكله ، ما لم ينتن } . [ ص: 303 ] ولأن جرحه بسهمه سبب إباحته ، وقد وجد يقينا ، والمعارض له مشكوك فيه ، فلا تزول عن اليقين بالشك ، ولأنه وجده وسهمه فيه ، ولم يجد به أثرا آخر ، فأشبه ما لو لم يترك طلبه عند أبي حنيفة ، أو كما لو غاب نهارا ، أو مدة يسيرة ، أو كما لو لم يغب ، إذا ثبت هذا ، فإنه يشترط في حله شرطان ; أحدهما ، أن يجد سهمه فيه ، أو أثره ويعلم أنه أثر سهمه ، لأنه إذا لم يكن كذلك ، فهو شاك في وجود المبيح ، فلا يثبت بالشك .

والثاني ، أن لا يجد به أثرا غير سهمه ، مما يحتمل أنه قتله ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { ما لم تجد فيه أثرا غير سهمك } وفي لفظ : " وإن وجدت فيه أثرا غير سهمك ، فلا تأكله ، فإنك لا تدري ، أقتلته أنت أو غيرك " . رواه الدارقطني . وفي لفظ : " إذا وجدت فيه سهمك ، ولم يأكل منه سبع ، فكل منه " . رواه النسائي ، وفي حديث عدي ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فإن رميت الصيد ، فوجدته بعد يوم أو يومين ، ليس به إلا أثر سهمك ، فكل ، وإن وقع الماء ، فلا تأكل } . رواه البخاري . وقال عليه السلام : " وإن وجدته غريقا في الماء ، فلا تأكل " .

ولأنه إذا كان به أثر يصلح أن يكون قد قتله ، فقد تحقق المعارض ، فلم يبح ، كما لو وجد مع كلبه كلبا سواه ، فأما إن كان الأثر مما لا يقتل مثله ، مثل أكل حيوان ضعيف ، كالسنور والثعلب ، من حيوان قوي ، فهو مباح ; لأنه يعلم أن هذا لم يقتله ، فأشبه ما لو تهشم من وقعته .

التالي السابق


الخدمات العلمية