صفحة جزء
( 7755 ) مسألة ; قال : ( وكذلك كل ما مات من الحيتان في الماء وإن طفا ) قوله طفا : يعني ارتفع على وجه الماء . قال عبد الله بن رواحة :

وأن العرش فوق الماء طاف وفوق العرش رب العالمينا

وجملة ذلك أن السمك وغيره من ذوات الماء التي لا تعيش إلا فيه ، إذا ماتت فهي حلال ، سواء ماتت بسبب أو غير سبب ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم في البحر : { هو الطهور ماؤه الحل ميتته } .

قال أحمد : هذا خير من مائة حديث . وأما ما مات بسبب ، مثل أن صاده إنسان ، أو نبذه البحر ، أو جزر عنه ، فإن العلماء أجمعوا على إباحته ، وكذلك ما حبس في الماء بحظيرة حتى يموت ، فلا خلاف أيضا في حله . قال أحمد : الطافي يؤكل ، وما جزر عنه الماء أجود ، والسمك الذي نبذه البحر لم يختلف الناس فيه ، وإنما اختلفوا في الطافي ، وليس به بأس . وممن أباح الطافي من السمك أبو بكر الصديق ، وأبو أيوب ، رضي الله عنهما . وبه قال مالك ، والشافعي .

وممن أباح ما وجد من الحيتان عطاء ، ومكحول ، والثوري ، والنخعي . وكره الطافي جابر ، وطاوس ، وابن سيرين ، وجابر بن زيد ، وأصحاب الرأي ; لأن جابرا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ما ألقى البحر ، أو جزر عنه ، فكلوه ، وما مات فيه وطفا ، فلا تأكلوه } . رواه أبو داود . [ ص: 315 ]

ولنا ، قول الله تعالى : { أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة } . قال ابن عباس : طعامه ما مات فيه . وأيضا الحديث الذي قدمناه . وقال أبو بكر الصديق صلى الله عليه وسلم : الطافي حلال .

ولأنه لو مات في البر أبيح ، فإذا مات في البحر أبيح ، كالجراد . فأما حديث جابر ، فإنما هو موقوف عليه ، كذلك قال أبو داود : رواه الثقات فأوقفوه على جابر ، وقد أسند من وجه ضعيف . وإن صح فنحمله على نهي الكراهة ; لأنه إذا مات رسب في أسفله ، فإذا أنتن طفا ، فكرهه لنتنه ، لا لتحريمه .

التالي السابق


الخدمات العلمية