صفحة جزء
( 81 ) فصل : وإذا ذبح ما لا يؤكل لحمه كان جلده نجسا . وهذا قول الشافعي . وقال أبو حنيفة ، ومالك : يطهر ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { دباغ الأديم ذكاته . } أي : كذكاته ، فشبه الدبغ بالذكاة ، والمشبه به أقوى من المشبه ، فإذا طهر الدبغ مع ضعفه فالذكاة أولى ; ولأن الدبغ يرفع العلة بعد وجودها ، والذكاة تمنعها ، والمنع أقوى من الرفع . ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم { نهى عن افتراش جلود السباع ، وركوب النمور ، } وهو عام في المذكى وغيره ; ولأنه [ ص: 56 ] ذبح لا يطهر اللحم ، فلم يطهر الجلد ، كذبح المجوسي . أو ذبح غير مشروع ، فأشبه الأصل ، والخبر قد أجبنا عنه فيما مضى ، ثم نقول : إن الدبغ إنما يؤثر في مأكول اللحم ، فكذلك ما شبه به ، ولو سلمنا أنه يؤثر في تطهير غيره ، فلا يلزم حصول التطهير بالذكاة ، لكون الدبغ مزيلا للخبث والرطوبات كلها ، مطيبا للجلد على وجه يتهيأ به للبقاء على وجه لا يتغير ، والذكاة لا يحصل بها ذلك ، فلا يستغنى بها عن الدبغ .

وقولهم : المشبه أضعف من المشبه به . غير لازم ; فإن الله تعالى قال في صفة الحور { : كأنهن بيض مكنون } ، وهن أحسن من البيض ، والمرأة الحسناء تشبه بالظبية وبقرة الوحش ، وهي أحسن منهما . وقولهم : إن الدبغ يرفع العلة ممنوع فإننا قد بينا أن الجلد لم ينجس ; لما ذكرناه ، وإن سلمنا فإن الذبح لا يمنع منها ثم يبطل ما ذكروه بذبح المجوسي والوثني والمحرم ، وبترك التسمية ، وما شق بنصفين .

التالي السابق


الخدمات العلمية