صفحة جزء
( 7855 ) فصل : ولا بأس أن يذبح الرجل عن أهل بيته شاة واحدة ، أو بقرة أو بدنة . نص عليه أحمد . وبه قال مالك والليث والأوزاعي وإسحاق .

وروي ذلك عن ابن عمر وأبي هريرة . قال صالح : قلت لأبي : يضحى بالشاة عن أهل البيت ؟ قال : نعم ، لا بأس ، قد ذبح النبي صلى الله عليه وسلم كبشين ، فقرب أحدهما ، فقال : { بسم الله ، اللهم هذا عن محمد وأهل بيته } . وقرب الآخر ، فقال { : بسم الله ، اللهم هذا منك ولك ، عمن وحدك من أمتي } . وحكي عن أبي هريرة ، أنه كان يضحي بالشاة ، فتجيء ابنته ، فتقول : عني ؟ فيقول : وعنك . وكره ذلك الثوري وأبو حنيفة ; لأن الشاة لا تجزئ عن أكثر من واحد ، فإذا اشترك فيها اثنان ، لم تجز عنهما ، كالأجنبيين .

ولنا ما روى مسلم ، بإسناده عن عائشة { ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بكبش ليضحي به ، فأضجعه ، ثم ذبحه ، ثم قال : بسم الله ، اللهم تقبل من محمد وآل محمد } . وعن جابر ، قال { ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الذبح كبشين أملحين أقرنين ، فلما وجههما قال : وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض ، على ملة ، إبراهيم حنيفا ، مسلما ، وما أنا من المشركين ، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ، اللهم منك ولك ، عن محمد وأمته ، بسم الله ، والله أكبر . ثم ذبح } . رواه أبو داود .

وروى ابن ماجه ، عن أبي أيوب ، قال { : كان الرجل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته ، فيأكلون ، ويطعمون الناس } . حديث حسن صحيح .

( 7856 ) فصل : وأفضل الأضاحي البدنة ، ثم البقرة ، ثم الشاة ، ثم شرك في بقرة . وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي .

وقال مالك : الأفضل الجذع من الضأن ، ثم البقرة ، ثم البدنة ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين ، ولا يفعل إلا الأفضل ، ولو علم الله خيرا منه لفدى به إسحاق . ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم { في الجمعة : من راح في الساعة الأولى ، فكأنما قرب بدنة ، ومن راح في الساعة الثانية ، فكأنما قرب بقرة ، ومن راح في الساعة الثالثة ، فكأنما قرب كبشا ، ومن راح في الساعة الرابعة ، فكأنما قرب دجاجة ، ومن راح في الساعة الخامسة ، فكأنما قرب بيضة } .

ولأنه ذبح يتقرب به إلى الله تعالى ، فكانت البدنة فيه أفضل ، كالهدي فإنه قد سلمه ; ولأنها أكثر ثمنا [ ص: 348 ] ولحما وأنفع ، فأما التضحية بالكبش ; فلأنه أفضل أجناس الغنم ، وكذلك حصول الفداء به أفضل ، والشاة أفضل من شرك في بدنة ; لأن إراقة الدم مقصودة في الأضحية ، والمنفرد يتقرب بإراقته كله . والكبش أفضل الغنم ; لأنه أضحية النبي صلى الله عليه وسلم وهو أطيب لحما . وذكر القاضي ، أن جذع الضأن أفضل من ثني المعز ; لذلك ، ولأنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { : نعم الأضحية الجذع من الضأن } . وهو حديث غريب ويحتمل أن الثني أفضل ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { لا تذبحوا إلا مسنة ، فإن عسر عليكم ، فاذبحوا الجذع من الضأن } . رواه مسلم ، وأبو داود . وهذا يدل على فضل الثني على الجذع ; لكونه جعل الثني أصلا والجذع بدلا ، لا ينتقل إليه إلا عند عدم الثني .

التالي السابق


الخدمات العلمية