صفحة جزء
( 7861 ) مسألة : قال : ( ويجتنب في الضحايا العوراء البين عورها ، والعجفاء التي لا تنقي ، والعرجاء البين عرجها ، والمريضة التي لا يرجى برؤها ، والعضباء ، والعضب ذهاب أكثر من نصف الأذن أو القرن ) أما العيوب الأربعة الأول ، فلا نعلم بين أهل العلم خلافا في أنها تمنع الإجزاء ; لما روى البراء قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال { : أربع لا تجوز في الأضاحي ; العوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها ، والعرجاء البين ظلعها والعجفاء التي لا تنقي } . رواه أبو داود ، والنسائي .

ومعنى العوراء البين عورها ، التي قد انخسفت عينها ، وذهبت ; لأنها قد ذهبت عينها ، والعين عضو مستطاب ، فإن كان على عينها بياض ولم تذهب ، جازت التضحية بها ; لأن عورها ليس ببين ، ولا ينقص ذلك لحمها . والعجفاء المهزولة التي لا تنقي ، هي التي لا مخ لها في عظامها ; لهزالها ، والنقي : المخ ، قال الشاعر

: لا يشتكين عملا ما أنقين ما دام مخ في سلامى أو عين

فهذه لا تجزئ ; لأنها لا لحم فيها ، إنما هي عظام مجتمعة .

وأما العرجاء البين عرجها : فهي التي بها عرج فاحش ، وذلك يمنعها من اللحاق بالغنم فتسبقها إلى الكلإ فيرعينه ولا تدركهن ، فينقص لحمها ، فإن كان عرجا يسيرا لا يفضي بها إلى ذلك ، أجزأت . وأما المريضة التي لا يرجى برؤها : فهي التي بها مرض قد يئس من زواله ; لأن ذلك ينقص لحمها وقيمتها نقصا كبيرا ، والذي في الحديث المريضة البين مرضها ، وهي التي يبين أثره عليها ; لأن ذلك ينقص لحمها ويفسده ، وهو أصح .

وذكر القاضي أن المراد بالمريضة الجرباء ; لأن الجرب يفسد اللحم ويهزل إذا كثر . وهذا قول أصحاب الشافعي . وهذا تقييد للمطلق ، وتخصيص للعموم بلا دليل ، والمعنى يقتضي العموم كما يقتضيه اللفظ ، فإن كان المرض يفسد اللحم وينقصه ، فلا معنى للتخصيص مع عموم اللفظ والمعنى .

وأما العضب : فهو ذهاب أكثر من نصف الأذن أو القرن ، وذلك يمنع الإجزاء أيضا . وبه قال النخعي وأبو يوسف ومحمد ، [ ص: 350 ] وقال أبو حنيفة والشافعي : تجزئ مكسورة القرن . وروي نحو ذلك عن علي وعمر وعمار وابن المسيب والحسن . وقال مالك : إن كان قرنها يدمى ، لم يجز ، وإلا جاز .

وقال عطاء ومالك : إذا ذهبت الأذن كلها ، لم يجز ، وإن ذهب يسير ، جاز . واحتجوا بأن قول النبي صلى الله عليه وسلم { : أربع لا تجوز في الأضاحي } . يدل على أن غيره يجزئ ; ولأن في حديث البراء ، عن عبيد بن فيروز ، قال : قلت للبراء فإني أكره النقص من القرن ومن الذنب . فقال : اكره لنفسك ما شئت ، وإياك أن تضيق على الناس .

ولأن المقصود اللحم ، ولا يؤثر ذهاب ذلك فيه . ولنا ما روي عن علي رضي الله عنه قال { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضحى بأعضب القرن والأذن . } قال قتادة : فسألت سعيد بن المسيب ، فقال : نعم ، العضب النصف فأكثر من ذلك . رواه الشافعي ، وابن ماجه وعن علي رضي الله عنه قال { : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن } . رواه أبو داود ، والنسائي . وهذا منطوق يقدم على المفهوم .

( 7862 ) فصل : ولا تجزئ العمياء ; لأن النهي عن العوراء تنبيه على العمياء وإن لم يكن عماها بينا ; لأن العمى يمنع مشيها مع الغنم ، ومشاركتها في العلف .

ولا تجزئ ما قطع منها عضو ، كالألية والأطباء ; لأن ابن عباس ، قال : لا تجوز العجفاء ، ولا الجداء . قال أحمد : هي التي قد يبس ضرعها . ولأن ذلك أبلغ في الإخلال بالمقصود من ذهاب شحمة العين .

التالي السابق


الخدمات العلمية