صفحة جزء
( 7877 ) مسألة ; قال : والاستحباب أن يأكل ثلث أضحيته ، ويهدي ثلثها ، ويتصدق بثلثها ، ولو أكل أكثر جاز قال أحمد : نحن نذهب إلى حديث عبد الله : يأكل هو الثلث ، ويطعم من أراد الثلث ، ويتصدق على المساكين [ ص: 355 ] بالثلث . قال علقمة : بعث معي عبد الله بهدية ، فأمرني أن آكل ثلثا ، وأن أرسل إلى أهل أخيه عتبة بثلث ، وأن أتصدق بثلث ، وعن ابن عمر قال : الضحايا والهدايا ثلث لك ، وثلث لأهلك ، وثلث للمساكين . وهذا قول إسحاق ، وأحد قولي الشافعي وقال في الآخر : يجعلها نصفين ، يأكل نصفا ، ويتصدق بنصف ; لقول الله تعالى : { فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير } .

وقال أصحاب الرأي : ما كثر من الصدقة فهو أفضل ; لأن { النبي صلى الله عليه وسلم أهدى مائة بدنة ، وأمر من كل بدنة ببضعة ، فجعلت في قدر ، فأكل هو وعلي من لحمها ، وحسيا من مرقها . ونحر خمس بدنات ، أو ست بدنات ، وقال : من شاء فليقتطع . ولم يأكل منهن شيئا } . ولنا ، ما روي { عن ابن عباس ، في صفة أضحية النبي صلى الله عليه وسلم قال : يطعم أهل بيته الثلث ، ويطعم فقراء جيرانه الثلث ، ويتصدق على السؤال بالثلث . } رواه الحافظ أبو موسى الأصفهاني ، في الوظائف ، وقال : حديث حسن . ولأنه قول ابن مسعود وابن عمر ، ولم نعرف لهما مخالفا في الصحابة ، فكان إجماعا ; ولأن الله تعالى قال : { فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر } .

والقانع : السائل يقال : قنع قنوعا . إذا سأل وقنع قناعة إذا رضي . قال الشاعر :

لمال المرء يصلحه فيغني مفاقره أعف من القنوع

والمعتر : الذي يعتريك . أي يتعرض لك لتطعمه ، فلا يسأل ، فذكر ثلاثة أصناف ، فينبغي أن يقسم بينهم أثلاثا . وأما الآية التي احتج بها أصحاب الشافعي ، فإن الله - تعالى - لم يبين قدر المأكول منها والمتصدق به ، وقد نبه عليه في آيتنا ، وفسره النبي صلى الله عليه وسلم بفعله ، وابن عمر بقوله ، وابن مسعود بأمره . وأما خبر أصحاب الرأي ، فهو في الهدي ، والهدي يكثر ، فلا يتمكن الإنسان من قسمه ، وأخذ ثلثه ، فتتعين الصدقة بها ، والأمر في هذا واسع ، فلو تصدق بها كلها أو بأكثرها جاز ، وإن أكلها كلها إلا أوقية تصدق بها جاز .

وقال أصحاب الشافعي : يجوز أكلها كلها . ولنا ، أن الله تعالى قال : { فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر } . وقال : { وأطعموا البائس الفقير } والأمر يقتضي الوجوب وقال بعض أهل العلم : يجب الأكل منها ، ولا تجوز الصدقة بجميعها ; للأمر بالأكل منها . ولنا ، أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر خمس بدنات ، ولم يأكل منهن شيئا ، وقال " من شاء فليقتطع " . ولأنها ذبيحة يتقرب إلى الله - تعالى - بها فلم يجب الأكل منها ، كالعقيقة ، والأمر للاستحباب ، أو الإباحة ، كالأمر بالأكل من الثمار والزرع ، والنظر إليها .

التالي السابق


الخدمات العلمية