صفحة جزء
( 7907 ) مسألة ; قال وإذا أرادا أن يستبقا ، أخرج أحدهما ، ولم يخرج الآخر ، فإن سبق من أخرج ، أحرز سبقه ، ولم يأخذ من المسبوق شيئا وإن سبق من لم يخرج ، أحرز سبق صاحبه وجملته أن المسابقة إذا كانت بين اثنين أو حزبين ، لم تخل إما أن يكون العوض منهما ، أو من غيرهما ، فإن كان من غيرهما نظرت ، فإن كان من الإمام جاز ، سواء كان من ماله ، أو من بيت المال ; لأن في ذلك مصلحة وحثا على تعلم الجهاد ، ونفعا للمسلمين . وإن كان غير إمام ، جاز له بذل العوض من ماله . وبهذا قال أبو حنيفة ، والشافعي . وقال مالك : لا يجوز بذل العوض من غير الإمام ; لأن هذا مما يحتاج إليه للجهاد ، فاختص به الإمام لتولية الولايات وتأمير الأمراء .

ولنا ، أنه بذل لماله فيما فيه مصلحة وقربة فجاز كما لو اشترى به خيلا وسلاحا . فأما إن كان منهما ، اشترط كون الجعل من أحدهما دون الآخر ، فيقول : إن سبقتني فلك عشرة ، وإن سبقتك فلا شيء عليك . فهذا جائز . [ ص: 370 ] وحكي عن مالك ، أنه لا يجوز ; لأنه قمار . ولنا ، أن أحدهما يختص بالسبق ، فجاز ، كما لو أخرجه الإمام .

ولا يصح ما ذكره ; لأن القمار أن لا يخلو كل واحد منهما من أن يغنم أو يغرم ، وها هنا لا خطر على أحدهما ، فلا يكون قمارا فإذا سبق المخرج أحرز سبقه ، ولا شيء له على صاحبه ، وإن سبق الآخر أخذ سبق المخرج فملكه ، وكان كسائر ماله ; لأنه عوض في الجعالة ، فيملك فيها ، كالعوض المجعول في رد الضالة والآبق . وإن كان العوض في الذمة ، فهو دين يقضى به عليه ، ويجبر على تسليمه إن كان موسرا ، وإن أفلس ، ضرب به مع الغرماء .

التالي السابق


الخدمات العلمية