صفحة جزء
( 7920 ) فصل : والسنة أن يكون لهما غرضان يرميان أحدهما ، ثم يمضيان إليه ، فيأخذان السهام يرميان الآخر ; لأن هذا كان فعل أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { : ما بين الغرضين روضة من رياض ، الجنة } وقال إبراهيم التيمي : رأيت حذيفة يشتد بين الهدفين يقول : أنا بها ، أنا بها . في قميص . وعن ابن عمر مثل ذلك .

والهدف ما ينصب الغرض عليه ; إما تراب مجموع ، وإما حائط . ويروى عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يشتدون بين الأغراض ، يضحك بعضهم إلى بعض فإذا جاء الليل كانوا رهبانا . فإن جعلوا غرضا واحدا ، جاز ; لأن المقصود يحصل به ، وهو عادة أهل عصرنا . ولا بد في المناضلة أن يبتدئ أحدهما بالرمي ، لأنهما لو رميا معا ، أفضى إلى الاختلاف ، ولم يعرف المصيب منهما . فإن كان المخرج أجنبيا ، قدم من يختاره منهما ، فإن لم يختر وتشاحا ، أقرع بينهما ، وأيهما كان أحق بالتقديم فبدره [ ص: 378 ] الآخر فرمى ، لم يعتد له بسهمه ، أصاب أو أخطأ . وإذا بدأ أحدهما في وجه ، بدأ الآخر في الثاني ، تعديلا بينهما .

وإن شرطا البداءة لأحدهما في كل الوجوه ، لم يصح ; لأن موضوع المناضلة على المساواة ، وهذا تفاضل ، فإن فعل ذلك من غير شرط باتفاق منهما ، جاز ; لأن البداءة لا أثر لها في الإصابة ، ولا في تجويد الرمي ، وإن شرطا أن يبدأ كل واحد منهما من وجهين متواليين ، جاز ; لتساويهما . ويحتمل أن يكون اشتراط البداءة في كل موضع ذكرنا غير لازم ، ولا يؤثر في العقد ; لأنه لا أثر له في تجويد رمي ، ولا كثرة إصابة ، وكثير من الرماة يختار التأخر على البداية ، فيكون وجود هذا الشرط كعدمه . إذا رمى البادئ بسهم ، رمى الثاني بسهم كذلك ، حتى يقضيا رميهما ; لأن إطلاق المناضلة يقتضي المراسلة ، ولأن ذلك أقرب إلى التساوي ، وأنجز للرمي ; لأن أحدهما يصلح قوسه ويعدل سهمه ، حتى يرمي الآخر . وإن رميا بسهمين سهمين ، فحسن ، وهو العادة بين الرماة فيما رأينا .

وإن اشترطا أن يرمي أحدهما رشقا ، ثم يرمي الآخر ، أو يرمي أحدهما عددا ، ثم يرمي الآخر مثله ، جاز ; لأن هذا لا يؤثر في مقصود المناضلة ، وإن خالف مقتضى الإطلاق ، كما يجوز أن يشترط في البيع ما لا يقتضيه الإطلاق من النقود والخيار والأجل لما كان غير مانع من المقصود .

التالي السابق


الخدمات العلمية