صفحة جزء
( 7951 ) مسألة ; قال : ( والكفارة إنما تلزم من حلف يريد عقد اليمين ) وجملته أن اليمين التي تمر على لسانه في عرض حديثه ، من غير قصد إليها ، لا كفارة فيها ، في قول أكثر أهل العلم ; لأنها من لغو اليمين . نقل عبد الله ، عن أبيه ، أنه قال : اللغو عندي أن يحلف على اليمين ، يرى أنها كذلك ، والرجل يحلف فلا يعقد قلبه على شيء .

وممن قال : إن اللغو اليمين التي لا يعقد عليها قلبه ; عمر ، وعائشة رضي الله عنهما . وبه قال عطاء ، والقاسم ، وعكرمة ، والشعبي ، والشافعي ; لما روي عن عطاء ، قال : قالت عائشة : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ، يعني اللغو [ ص: 393 ] في اليمين : { هو كلام الرجل في بيته ، لا والله . وبلى والله } . أخرجه أبو داود . قال : ورواه الزهري ، وعبد الملك بن أبي سليمان ، ومالك بن مغول ، عن عطاء ، عن عائشة ، موقوفا .

وروى الزهري ، أن عروة حدثه ، عن عائشة ، قالت ، أيمان اللغو ، ما كان في المراء ، والهزل ، والمزاحة ، والحديث الذي لا يعقد عليه القلب ، وأيمان الكفارة كل يمين حلف عليها على وجه من الأمر ، في غضب أو غيره ، ليفعلن ، أو ليتركن ، فذلك عقد الأيمان التي فرض الله - تعالى - فيها الكفارة . ولأن اللغو في كلام العرب الكلام غير المعقود عليه . وهذا كذلك .

وممن قال : لا كفارة في هذا ; ابن عباس ، وأبو هريرة ، وأبو مالك ، وزرارة بن أوفى ، والحسن ، والنخعي ، ومالك . وهو قول من قال : إنه من لغو اليمين . ولا نعلم في هذا خلافا .

ووجه ذلك قول الله تعالى : { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين } . فجعل الكفارة لليمين التي يؤاخذ بها ، ونفى المؤاخذة باللغو ، فيلزم انتفاء الكفارة ، ولأن المؤاخذة يحتمل أن يكون معناها إيجاب الكفارة ، بدليل أنها تجب في الأيمان التي لا مأثم فيها ، وإذا كانت المؤاخذة إيجاب الكفارة ، فقد نفاها في اللغو ، فلا تجب ، ولأنه قول من سمينا من الصحابة ، ولم نعرف لهم مخالفا في عصرهم ، فكان إجماعا ، ولأن قول عائشة في تفسير اللغو ، وبيان الأيمان التي فيها الكفارة ، خرج منها تفسيرا لكلام الله تعالى ، وتفسير الصحابي مقبول .

التالي السابق


الخدمات العلمية