صفحة جزء
( 7956 ) فصل : وإن قال : لعمر الله . فهي يمين موجبة للكفارة . وبه قال أبو حنيفة . وقال الشافعي ، إن قصد اليمين ، فهي يمين ، وإلا فلا . وهو اختيار أبي بكر ; لأنها إنما تكون يمينا بتقدير خبر محذوف ، فكأنه قال : لعمر الله ما أقسم به . فيكون مجازا ، والمجاز لا ينصرف إليه الإطلاق .

ولنا ، أنه أقسم بصفة من صفات ذات الله ، فكان يمينا موجبا للكفارة ، كالحلف ببقاء الله - تعالى ، فإن معنى ذلك الحلف ببقاء الله - تعالى ، وحياته . ويقال : العمر والعمر واحد . وقيل : معناه وحق الله . وقد ثبت له عرف الشرع والاستعمال ، قال الله تعالى : { لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون } .

وقال النابغة :

فلا لعمر الذي قد زرته حججا وما أريق على الأنصاب من جسد

وقال آخر :

إذا رضيت كرام بني قشير     لعمر الله أعجبني رضاها

وقال آخر :

ولكن لعمر الله ما ظل مسلما     كغر الثنايا واضحات الملاغم

وهذا في الشعر ، والكلام كثير .

وأما احتياجه إلى التقدير ، فلا يصح ; فإن اللفظ إذا اشتهر في العرف ، صار من الأسماء العرفية ، يجب حمله عليه عند الإطلاق دون موضوعه الأصلي ، على ما عرف من سائر الأسماء العرفية ، ومتى احتاج اللفظ إلى التقدير ، وجب التقدير له ، ولم يجز اطراحه ، ولهذا يفهم مراد المتكلم به من غير اطلاع على نية قائله وقصده ، كما يفهم أن مراد المتكلم بهذا من المتقدمين القسم ، ويفهم من القسم بغير حرف القسم في أشعارهم القسم في مثل قوله :

فقلت يمين الله أبرح قاعدا

ويفهم من القسم الذي حذف في جوابه حرف " لا " أنه مقدر مراد ، كهذا البيت ، ويفهم من قول الله تعالى : { واسأل القرية } - . { وأشربوا في قلوبهم العجل } . التقدير ، فكذا هاهنا .

وإن قال : عمرك الله كما في قوله :

أيها المنكح الثريا سهيلا     عمرك الله كيف يلتقيان

فقد قيل : هو مثل قوله : نشدتك الله . ولهذا ينصب اسم الله تعالى فيه . وإن قال : لعمري ، أو عمرك . فليس بيمين ; في قول أكثرهم . وقال الحسن ، في قوله : لعمرك : عليه الكفارة . ولنا ، أنه أقسم بحياة مخلوق ، فلم تلزمه كفارة ، كما لو قال : وحياتي . وذلك لأن هذا اللفظ يكون قسما بحياة [ ص: 397 ] الذي أضيف إليه العمر ، فإن التقدير ، لعمرك قسمي ، أو ما أقسم به ، والعمر : الحياة أو البقاء .

التالي السابق


الخدمات العلمية