صفحة جزء
( 7972 ) فصل : فإن قال : أقسمت ، أو آليت ، أو حلفت ، أو شهدت لأفعلن . ولم يذكر بالله ، فعن أحمد روايتان ; إحداهما ، أنها يمين ، سواء نوى اليمين أو أطلق . وروي نحو ذلك عن عمر ، وابن عباس ، والنخعي ، والثوري ، وأبي حنيفة ، وأصحابه . وعن أحمد ، إن نوى اليمين بالله كان يمينا ، وإلا فلا .

وهو قول مالك ، وإسحاق ، وابن المنذر ; لأنه يحتمل القسم بالله تعالى وبغيره ، فلم تكن يمينا حتى يصرفه بنيته إلى ما تجب به الكفارة . وقال الشافعي : ليس بيمين وإن نوى . وروي نحو ذلك عن عطاء ، والحسن ، والزهري ، وقتادة ، وأبي عبيد ; لأنها عريت عن اسم الله وصفته ، فلم تكن يمينا ، كما لو قال : أقسمت بالبيت .

ولنا ، أنه قد ثبت لها عرف الشرع والاستعمال ، فإن أبا بكر قال : أقسمت عليك يا رسول الله ، لتخبرني بما أصبت مما أخطأت . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : { لا تقسم يا أبا بكر } . رواه أبو داود . وقال العباس للنبي صلى الله عليه وسلم : أقسمت [ ص: 404 ] عليك يا رسول الله ، لتبايعنه . فبايعه النبي صلى الله عليه وسلم وقال : { أبررت قسم عمي ، ولا هجرة } .

وفي كتاب الله تعالى : { إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله } إلى قوله { اتخذوا أيمانهم جنة } . فسماها يمينا ، وسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم قسما .

وقالت عاتكة بنت عبد المطلب ، عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم :

حلفت لئن عادوا لنصطلمنهم لجاءوا تردى حجرتيها المقانب

وقالت عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل :

فآليت لا تنفك عيني حزينة     عليك ولا ينفك جلدي أغبرا

وقولهم : يحتمل القسم بغير الله .

قلنا : إنما يحمل على القسم المشروع ، ولهذا لم يكن هذا مكروها ، ولو حمل على القسم بغير الله ، كان مكروها ، ولو كان مكروها لم يفعله أبو بكر بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبر النبي صلى الله عليه وسلم قسم العباس حين أقسم عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية