صفحة جزء
( 8001 ) مسألة ; قال : وإذا قال : إن تزوجت فلانة فهي طالق . لم تطلق إن تزوج بها . وإن قال : إذا ملكت فلانا فهو حر فملكه صار حرا اختلفت الرواية عن أحمد في هاتين المسألتين ، فعنه : لا يقع طلاق ، ولا عتق . روي هذا عن ابن عباس . وبه قال سعيد بن المسيب ، وعطاء ، والحسن ، وعروة وجابر بن زيد ، وسوار والقاضي ، والشافعي وأبو ثور ، وابن المنذر .

ورواه الترمذي عن علي ، وجابر بن عبد الله ، وسعيد بن جبير ، وعلي بن الحسين ، وشريح ، وغير واحد من فقهاء التابعين ، قال : وهو قول أكثر أهل العلم ; لما روى عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { لا نذر لابن آدم فيما لا يملك ، ولا عتق فيما لا يملك ، ولا طلاق لابن آدم فيما لا يملك } قال الترمذي وهذا حديث حسن ، وهو أحسن ما روي في هذا الباب .

وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { لا طلاق ولا عتاق فيما لا يملك ابن آدم ، وإن عينها } رواه الدارقطني وروى أبو بكر في الشافي عن الخلال ، عن الرمادي ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن جويبر ، عن الضحاك ، عن النزال بن سبرة عن علي بن أبي طالب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا طلاق قبل نكاح } .

قال أحمد : هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم وعدة من الصحابة . ولأن من لا يقع طلاقه وعتقه بالمباشرة ، لم تنعقد له صفة ، كالمجنون ، ولأنه قول من سمينا من الصحابة ، ولم نعرف لهم مخالفا في عصرهم ، فيكون إجماعا . والرواية الثانية عن أحمد ، أنه يصح في العتق ولا يصح في الطلاق . قال ، في رواية أبي طالب : إذا قال : إن اشتريت هذا الغلام فهو حر . فاشتراه عتق ، وإن قال : إن تزوجت فلانة فهي طالق .

فهذا غير الطلاق ، هذا حق لله تعالى ، والطلاق يمين ، ليس هو لله تعالى ، ولا فيه قربة إلى الله - تعالى . قال أبو بكر في كتاب الشافي : لا يختلف قول أبي عبد الله ، أن الطلاق إذا وقع قبل النكاح لا يقع ، وأن العتاق يقع ، إلا ما روى محمد بن الحسن بن هارون في العتق ، أنه لا يقع ، وما أراه إلا غلطا ، كذلك سمعت الخلال يقول ، فإن كان حفظ فهو قول آخر . والفرق بينهما ، أن ناذر العتق يلزمه الوفاء به ، وأن ناذر الطلاق لا يلزمه الوفاء به ، فكما افترقا في النذر ، جاز أن يفترقا في اليمين ، ولأنه لو قال لأمته : أول ولد تلدينه فهو حر . فإنه يصح وهو تعليق للحرية على الملك .

[ ص: 416 ] وعن أحمد ، رحمه الله ، ما يدل على وقوع الطلاق والعتق . وهو قول الثوري ، وأصحاب الرأي ; لأنه يصح تعليقه على الأخطار ، فصح تعليقه على حدوث الملك ، كالوصية والنذر واليمين . وقال مالك : إن خص جنسا من الأجناس ، أو عبدا بعينه ، عتق إذا ملكه ، وإن قال : كل عبد أملكه فهو حر . لم يصح . والأول أصح ، إن شاء الله - تعالى ; لأنه تعليق للطلاق والعتاق قبل الملك ، فأشبه ما لو قال لأجنبية : إن دخلت الدار فأنت طالق . أو لأمة غيره : إن دخلت الدار فأنت حرة ثم تزوج الأجنبية ، وملك الأمة ، ودخلتا الدار ، فإن الطلاق لا يقع ، ولا تعتق الأمة ، بغير خلاف نعلمه .

التالي السابق


الخدمات العلمية