صفحة جزء
( 8050 ) مسألة ; قال ( فإن لم يجد من هذه الثلاثة واحدا ، أجزأه صيام ثلاثة أيام متتابعة ) يعني إن لم يجد إطعاما ، ولا كسوة ، ولا عتقا ، انتقل إلى صيام ثلاثة أيام ; لقول الله تعالى : { فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام } .

وهذا لا خلاف فيه ، إلا في اشتراط التتابع في الصوم ، وظاهر المذهب اشتراطه ، كذلك قال إبراهيم النخعي ، والثوري ، وإسحاق ، وأبو عبيد ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي . وروي نحو ذلك عن علي رضي الله عنه . وبه قال عطاء ، ومجاهد ، وعكرمة .

وحكى ابن أبي موسى ، عن أحمد ، رواية أخرى ، أنه يجوز تفريقها . وبه قال مالك ، والشافعي ، في أحد قوليه ; لأن الأمر بالصوم مطلق ، فلا يجوز تقييده إلا بدليل ، ولأنه صام الأيام الثلاثة ، فلم يجب التتابع فيه ، كصيام المتمتع ثلاثة أيام في الحج . ولنا ، أن في قراءة أبي ، وعبد الله بن مسعود : " فصيام ثلاثة أيام متتابعات " .

كذلك ذكره الإمام أحمد ، في " التفسير " عن جماعة ، وهذا إن كان قرآنا ، فهو حجة ; لأنه كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وإن لم يكن قرآنا ، فهو رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم ; إذ يحتمل أن يكونا سمعاه من النبي صلى الله عليه وسلم تفسيرا فظناه قرآنا ، فثبتت له رتبة الخبر ، ولا ينقص عن [ ص: 16 ] درجة تفسير النبي صلى الله عليه وسلم للآية ، وعلى كلا التقديرين ، فهو حجة يصار إليه ، ولأنه صيام في كفارة فوجب فيه التتابع ككفارة القتل والظهار ، والمطلق يحمل على المقيد على ما قررناه فيما مضى . فعلى هذا ، إن أفطرت المرأة لمرض أو حيض ، أو الرجل لمرض ، لم ينقطع التتابع .

وبهذا قال أبو ثور ، وإسحاق . وقال أبو حنيفة : ينقطع فيهما ; لأن التتابع لم يوجد ، وفوات الشرط يبطل به المشروط . وقال الشافعي : ينقطع في المرض ، في أحد القولين . ولا ينقطع في الحيض . ولنا ، أنه عذر يبيح الفطر ، أشبه الحيض في كفارة القتل .

التالي السابق


الخدمات العلمية