صفحة جزء
( 8140 ) فصل : وإن حلف لا يأكل أدما ، حنث بأكل كل ما جرت العادة بأكل الخبز به ; لأن هذا معنى التأدم ، وسواء في هذا ما يصطبغ ، كالطبيخ والمرق والخل والزيت والسمن والشيرج واللبن ، قال الله تعالى في الزيت : { وصبغ للآكلين } . وقال عليه السلام : { نعم الإدام الخل } . وقال : { ائتدموا بالزيت ، وادهنوا به ، فإنه من شجرة مباركة } . رواه ابن ماجه . أو من الجامدات ، كالشواء والجبن والباقلاء والزيتون والبيض .

وبهذا قال [ ص: 52 ] الشافعي ، وأبو ثور . وقال أبو حنيفة ، وأبو يوسف : ما لا يصطبغ به فليس بأدم ; لأن كل واحد منهما يرفع إلى الفم منفردا . ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : { سيد الإدام اللحم } . وقال : { سيد إدامكم الملح } . رواه ابن ماجه . لأنه يؤكل به الخبز عادة ، فكان أدما ، كالذي يصطبغ به ، ولأن كثيرا مما ذكرنا لا يؤكل في العادة وحده ، إنما يعد للتأدم به ، وأكل الخبز به ، فكان أدما ، كالخل واللبن .

وقولهم : إنه يرفع إلى الفم وحده مفردا . عنه جوابان ; أحدهما ، أن منه ما يرفع مع الخبز ، كالملح ونحوه . والثاني ، أنهما يجتمعان في الفم والمضغ والبلع ، الذي هو حقيقة الأكل ، فلا يضر افتراقهما قبله ، فأما التمر ، ففيه وجهان ; أحدهما ، هو أدم ; لما روى يوسف عن عبد الله بن سلام ، قال : { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع تمرة على كسرة ، وقال : هذه إدام هذه } . رواه أبو داود ، وذكره الإمام أحمد .

والثاني ، ليس بأدم ; لأنه لا يؤتدم به عادة ، إنما يؤكل قوتا أو حلاوة . وإن أكل الملح مع الخبز فهو إدام ; لما ذكرنا من الخبر ، ولأنه يؤكل به الخبر ، ولا يؤكل منفردا عادة ، أشبه الجبن والزيتون .

التالي السابق


الخدمات العلمية