صفحة جزء
( 8171 ) فصل : فإن قال أيمان البيعة تلزمني . فقال أبو عبد الله ابن بطة : كنت عند أبي القاسم الخرقي ، وقد سأله رجل عن أيمان البيعة ، فقال : لست أفتي فيها بشيء ، ولا رأيت أحدا من شيوخنا يفتي في هذه اليمين . قال : وكان أبي ، رحمه الله - يعني أبا علي - يهاب الكلام فيها . ثم قال أبو القاسم : إلا أن يلتزم الحالف بها جميع ما فيها من الأيمان . فقال له السائل : عرفها أو لم يعرفها ؟ فقال : نعم . وأيمان البيعة هي التي رتبها الحجاج يستحلف بها عند البيعة والأمر المهم للسلطان .

{ وكانت البيعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين بالمصافحة } ، فلما ولي الحجاج رتبها أيمانا تشتمل على اليمين بالله والطلاق ، والعتاق ، وصدقة المال . فمن لم يعرفها ، لم تنعقد يمينه بشيء مما فيها ; لأن هذا ليس بصريح في القسم ، والكناية لا تصح إلا بالنية ، ومن لم يعرف شيئا لم يصح أن ينويه . وإن عرفها ، ولم ينو عقد اليمين بما فيها لم يصح أيضا ; لما ذكرناه .

ومن عرفها ، ونوى اليمين بما فيها ، صح في الطلاق والعتاق ; لأن اليمين بها تنعقد بالكناية ، وما عدا ذلك من اليمين بالله - تعالى ، وما عدا الطلاق والعتاق ، فقال القاضي هاهنا : تنعقد يمينه أيضا ; لأنها يمين ، فتنعقد بالكناية المنوية ، كيمين الطلاق والعتاق . وقال في موضع آخر : لا تنعقد اليمين بالله بالكناية .

وهو مذهب الشافعي ; لأن الكفارة وجبت فيها لما ذكر فيها من اسم الله العظيم المحترم ، ولا يوجد ذلك في الكناية . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية