صفحة جزء
( 868 ) مسألة : قال : ( ومن سجد فحسن ، ومن ترك فلا شيء عليه ) وجملة ذلك أن سجود التلاوة سنة مؤكدة ، وليس بواجب عند إمامنا ومالك ، والأوزاعي ، والليث ، والشافعي ، وهو مذهب عمر ، وابنه عبد الله ، وأوجبه أبو حنيفة وأصحابه . لقول الله عز وجل : { فما لهم لا يؤمنون وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون } ولا يذم إلا على ترك واجب . ولأنه سجود يفعل في الصلاة ، فكان واجبا كسجود الصلاة .

ولنا ، ما روى زيد بن ثابت ، قال : { قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم النجم فلم يسجد منا أحد } . متفق عليه . ولأنه إجماع الصحابة . وروى البخاري ، والأثرم عن عمر ، أنه قرأ يوم الجمعة على المنبر بسورة النحل ، حتى إذا جاء السجدة نزل ، فسجد وسجد الناس ، حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها ، حتى إذا جاءت السجدة قال : يا أيها الناس ، إنما نمر بالسجود ، فمن سجد فقد أصاب ، ومن لم يسجد فلا إثم عليه . ولم يسجد عمر . وفي لفظ إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء . وفي رواية الأثرم ، فقال : على رسلكم ، إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء . فقرأها ، ولم يسجد ، ومنعهم أن يسجدوا

وهذا بحضرة الجمع الكثير ، فلم ينكره أحد ، ولا نقل خلافه . فأما الآية فإنه ذمهم لترك السجود غير معتقدين فضله ، ولا مشروعيته ، وقياسهم ينتقض بسجود السهو ، فإنه عندهم غير واجب .

التالي السابق


الخدمات العلمية