صفحة جزء
( 8185 ) فصل : إذا نذر المشي إلى البلد الحرام ، أو بقعة منه ، كالصفا والمروة وأبي قبيس ، أو موضع في الحرم ، لزمه الحج أو عمرة . نص عليه أحمد . وبه قال الشافعي . وقال أبو حنيفة : لا يلزمه إلا أن ينذر المشي إلى الكعبة ، أو إلى مكة . وقال أبو يوسف ، ومحمد إن نذر المشي إلى الحرم ، أو إلى المسجد الحرام كقولنا ، وفي باقي الصور كقول أبي حنيفة ولنا ، أنه نذر المشي إلى موضع من الحرم أشبه النذر إلى مكة .

فأما إن نذر المشي إلى غير الحرم ، كعرفة ، ومواقيت الإحرام ، وغير ذلك ، لم يلزمه ذلك ، ويكون كنذر المباح . وكذلك إن نذر إتيان مسجد سوى المساجد الثلاثة ، لم يلزمه إتيانه . وإن نذر الصلاة فيه ، لزمه الصلاة دون المشي ، ففي أي موضع صلى أجزأه ; لأن الصلاة لا تخص مكانا دون مكان ، فلزمته الصلاة دون الموضع . ولا نعلم في هذا خلافا إلا عن الليث ، فإنه قال : لو نذر صلاة أو صياما بموضع ، لزمه فعله في ذلك الموضع ، ومن نذر المشي إلى مسجد ، مشى إليه . قال الطحاوي : ولم يوافقه على ذلك أحد من الفقهاء ; وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ، المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى . } متفق عليه .

ولو لزمه المشي إلى مسجد بعيد لشد الرحل إليه ; ولأن العبادة لا تختص بمكان دون مكان ، فلا يكون فعلها فيما نذر فعلها فيه قربة ، فلا تلزمه بنذره ، وفارق ما لو نذر العبادة في يوم بعينه ، لزمه فعلها فيه ; لأن الله - تعالى - عين لعبادته زمنا ووقتا معينا ، ولم يعين لها مكانا وموضعا ، والنذور مردودة إلى أصولها في الشرع ، فتعينت بالزمان دون المكان .

التالي السابق


الخدمات العلمية