صفحة جزء
( 8187 ) فصل : وإن نذر المشي إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم أو المسجد الأقصى ، لزمه ذلك . وبهذا قال مالك ، والأوزاعي ، وأبو عبيد ، وابن المنذر . وهو أحد قولي الشافعي ، وقال في الآخر : لا يبين لي وجوب المشي إليهما ; لأن البر [ ص: 77 ] بإتيان بيت الله فرض ، والبر بإتيان هذين نفل .

ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : { لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ، المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى . } ولأنه أحد المساجد الثلاثة ، فيلزم المشي إليه بالنذر ، كالمسجد الحرام ، ولا يلزم ما ذكره ; لأن كل قربة تجب بالنذر ، وإن لم يكن لها أصل في الوجوب ، كعيادة المريض ، وشهود الجنائز ، ويلزمه بهذا النذر أن يصلي في الموضع الذي أتاه ركعتين ; لأن القصد بالنذر القربة والطاعة ، وإنما تحصيل ذلك بالصلاة ، فتضمن ذلك نذره ، كما يلزم ناذر المشي إلى بيت الله الحرام أحد النسكين ، ونذر الصلاة في أحد المسجدين كنذر المشي إليه ، كما أن نذر أحد النسكين في المسجد الحرام كنذر المشي إليه .

وقال أبو حنيفة : لا تتعين عليه الصلاة في موضع بالنذر ، سواء كان في المسجد الحرام ; أو غيره ; لأن ما لا أصل له في الشرع لا يجب بالنذر ; بدليل نذر الصلاة في سائر المساجد . ولنا ، ما روي أن عمر قال : يا رسول الله ، { إني نذرت أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أوف بنذرك } . متفق عليه . ولأن الصلاة فيها أفضل من غيرها ; بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم : { صلاة في مسجدي هذا ، خير من ألف صلاة فيما سواه ، إلا المسجد الحرام } متفق عليه .

وروي عنه صلى الله عليه وسلم : { صلاة في المسجد الحرام ، بمائة ألف صلاة } . وإذا كان فضيلة وقربة ، لزم بالنذر ، كما لو نذر طول القراءة . وما ذكروه يبطل بالعمرة ، فإنها تلزم بنذرها ، وهي غير واجبة عندهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية