( 8309 ) مسألة ; قال : ولو سأل أحدهما شريكه مقاسمته ، فامتنع ، أجبره الحاكم على ذلك ، إذا أثبت عنده ملكها ، وكان مثله ينقسم وينتفعان به مقسوما أما إذا 
طلب أحدهما القسمة ، فامتنع الآخر ، لم يخل من حالين ; أحدهما ، يجبر الممتنع على القسمة ، وذلك إذا اجتمع ثلاثة شروط ; أحدها ، أن يثبت عند الحاكم ملكهما ببينة ; لأن في الإجبار على القسمة حكما على الممتنع منهما ، فلا يثبت إلا بما يثبت به الملك لخصمه ، بخلاف حالة الرضا ; فإنه لا يحكم على أحدهما ، إنما يقسم بقولهما ورضاهما . 
الشرط الثاني ، أن لا يكون فيها ضرر ، فإن كان فيها ضرر ، لم يجبر الممتنع ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=30906لا ضرر ، ولا ضرار   } . رواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه  ، ورواه 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك  ، في " موطئه " مرسلا ، وفي لفظ ، { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=30905أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى ، أن لا ضرر ولا ضرار   } الشرط الثالث ، أن يمكن تعديل السهام من غير شيء يجعل معها ، فإن لم يمكن ذلك ، لم يجبر الممتنع ; لأنها تصير بيعا ، والبيع لا يجبر عليه أحد المتبايعين ، ومثال ذلك ، أرض قيمتها مائة ، فيها شجرة أو بئر تساوي مائتين ، فإذا جعلت الأرض سهما ، كانت الثلث ، فيحتاج أن يجعل معها خمسين يردها عليه من لم يخرج له البئر أو الشجرة ، ليكونا نصفين متساويين ، فهذه فيها بيع ، ألا ترى أن آخذ الأرض قد باع نصيبه من الشجرة أو البئر بالثمن الذي أخذه ، والبيع لا يجبر عليه ; لقول الله تعالى : { 
إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم   } . 
فإذا اجتمعت الشروط الثلاثة ، أجبر الممتنع منهما على القسمة ; لأنها تتضمن إزالة ضرر الشركة عنهما ، وحصول النفع لهما ; لأن نصيب كل واحد منهما إذا تمز ، كان له أن يتصرف فيه بحسب اختياره ، ويتمكن من  
[ ص: 143 ] إحداث الغراس والبناء والزرع والسقاية والإجارة والعارية ، ولا يمكنه ذلك مع الاشتراك ، فوجب أن يجبر الآخر عليه ; لقوله عليه السلام : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=30906لا ضرر ولا ضرار   } . 
إذا ثبت هذا ، فقد اختلفوا في 
الضرر المانع من القسمة ، ففي قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي  ، وهو ما لا يمكن معه انتقاع أحدهما بنصيبه مفردا ، فيما كان ينتفع به مع الشركة ، مثل أن تكون بينهما دار صغيرة ، إذا قسمت أصاب كل واحد منهما موضعا ضيقا لا ينتفع به . 
ولو أمكن أن ينتفع به في شيء غير الدار ، ولا يمكن أن ينتفع به دارا ، لم يجبر على القسمة أيضا ; لأنه ضرر يجري مجرى الإتلاف . 
وعن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد  ، رواية أخرى ، أن المانع هو أن تنقص قيمة نصيب أحدهما بالقسمة عن حال الشركة ، سواء انتفعوا به مقسوما أو لم ينتفعوا . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي    : هذا ظاهر كلام 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد    ; لأنه قال ، في رواية 
 nindex.php?page=showalam&ids=15371الميموني    : إذا قال بعضهم يقسم وبعضهم لا يقسم ، فإن كان فيه نقصان من ثمنه ، بيع ، وأعطوا الثمن . 
فاعتبر نقصان الثمن . 
وهذا ظاهر كلام 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي    ; لأن نقص قيمته ضرر ، والضرر منفي شرعا . وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك    : يجبر الممتنع وإن استضر ، قياسا على ما لا ضرر فيه . 
ولا يصح ; لقوله عليه السلام : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=30906لا ضرر ولا ضرار   } . ولأن في قسمته ضررا ، فلم يجبر عليه ، كقسمة الجوهرة بكسرها ، ولأن في قسمته إضاعة للمال ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعته . 
ولا يصح القياس على ما لا ضرر فيه ; لما بينهما من الفرق ، فإن كان أحد الشريكين يستضر بالقسمة دون الآخر ; كرجلين بينهما دار ، لأحدهما ثلثها ، وللآخر ثلثاها ، فإذا قسماها استضر صاحب الثلث ; لكونه لا يحصل له ما يكون دارا ، ولا يستضر الآخر ; لأنه يبقى له ما يصير دارا مفردة ، فطلب صاحب الثلثين القسمة ، لم يجبر الآخر عليها . 
ذكره 
 nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب    . 
وهو ظاهر كلام 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد  ، في رواية 
 nindex.php?page=showalam&ids=15772حنبل  ، قال : كل قسمة فيها ضرر ، لا أرى قسمتها . 
وهذا قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=16330ابن أبي ليلى  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور    . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي    : يجبر الآخر عليها . 
وهو قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي  ، وأهل 
العراق    ; لأنه طلب إفراد نصيبه الذي لا يستضر بتمييزه ، فوجبت إجابته إليه ، كما لو كانا لا يستضران بالقسمة .
ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=30906لا ضرر ولا ضرار   } . 
ولأنها قسمة يستضر بها صاحبه ، فلم يجبر عليها ، كما لو استضرا معا ، ولأن فيه إضاعة المال ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعته ، وإذا حرم عليه إضاعته ماله فإضاعته مال غيره أولى . وقد روى 
عمرو بن جميع  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { 
لا تعصبة على أهل الميراث ، إلا ما حصل القسم   } . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة    : هو أن يخلف شيئا ، إذا قسم كان فيه ضرر على بعضهم ، أو عليهم جميعا . 
ولأننا اتفقنا على أن الضرر مانع من القسمة ، وأن الضرر في حق أحدهما مانع ، ولا يجوز أن يكون المانع هو ضرر الطالب ; لأنه مرضي به من جهته ، فلا يجوز كونه مانعا ، كما لو تراضيا عليها مع ضررهما أو ضرر أحدهما ، فتعين الضرر المانع في جهة المطلوب ، ولأنه ضرر غير مرضي به من جهة صاحبه ، فمنع القسمة ، كما لو  
[ ص: 144 ] استضرا معا . 
وإن طلب القسمة المستضر بها ، كصاحب الثلث في المسألة المفروضة ، أجبر الآخر عليها . 
هذا مذهب 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك    ; لأنه طلب دفع ضرر الشركة عنه ، بأمر لا ضرر على صاحبه فيه ، فأجبر عليه ، كما لا ضرر فيه . 
يحققه أن ضرر الطالب مرضي به من جهته ، فسقط حكمه ، والآخر لا ضرر عليه ، فصار كما لا ضرر فيه . 
وذكر أصحابنا أن المذهب أنه لا يجبر الممتنع على القسم ; لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال ، ولأن طلب القسمة من المستضر سفه ، فلا يجب إجابته إلى السفه . قال 
الشريف    : متى كان أحدهما يستضر ، لم تجب القسمة . وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة    : متى كان أحدهما ينتفع بها ، وجبت . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي    : إن انتفع بها الطالب ، وجبت ، وإن استضر بها الطالب ، فعلى وجهين . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك    : تجب على كل حال . 
ولو كانت دار بين ثلاثة ، لأحدهم نصفها ، وللآخرين نصفها ، لكل واحد منهما ربعها ، فإذا قسمت استضر كل واحد منهما ، ولا يستضر صاحب النصف ، فطلب صاحب النصف القسمة ، وجبت إجابته ; لأنه يمكن قسمتها نصفين ، فيصير حقهما لهما دارا ، وله النصف ، فلا يستضر أحد منهما . 
ويحتمل أن لا تجب عليهما الإجابة ; لأن كل واحد منهما يستضر بإفراز نصيبه . 
وإن طلبا المقاسمة ، فامتنع صاحب النصف أجبر ; لأنه لا ضرر على واحد منهم . 
وإن طلبا إفراز نصيب كل واحد منهما ، أو طلب أحدهما إفراز نصيبه ، لم تجب القسمة على قياس المذهب لأنه إضرار بالطالب وسفه . وعلى الوجه الذي ذكرناه تجب القسمة ; لأن المطلوب منه لا ضرر عليه . 
الحال الثاني ، الذي لا يجبر أحدهما على القسمة ، وهي ما إذا عدم أحد الشروط الثلاثة ، فلا تجوز القسمة إلا برضاهما ، وتسمى قسمة التراضي ، وهي جائزة مع اختلال الشروط كلها ; لأنها بمنزلة البيع والمناقلة ، وبيع ذلك جائز .