صفحة جزء
( 8310 ) فصل : إذا كانت دار بين اثنين ، سفلها وعلوها ، فإذا طلبا قسمها ; نظرت ، فإن طلب أحدهما قسمة السفل والعلو بينهما ، ولا ضرر في ذلك ، أجبر الآخر عليه . لأن البناء في الأرض يجري مجرى الغرس ، فيتبعها في البيع والشفعة ، ثم لو طلب قسمة أرض فيها غراس ، أجبر شريكه عليه ، كذلك البناء . وإن طلب أحدهما جعل السفل لأحدهما والعلو للآخر ، ويقرع بينهما ، لم يجبر عليه الآخر ; لثلاثة معان ; أحدها ، أن العلو يتبع للسفل ، ولهذا إذا بيعا ، تثبت الشفعة فيهما ، وإذا أفرد العلو بالبيع ، لم تثبت فيه الشفعة ، وإذا كان تبعا له ، لم يجعل المتبوع سهما والتبع سهما ، فيصير التبع أصلا .

الثاني ، أن السفل والعلو يجريان مجرى الدارين المتلاصقتين ; لأن كل واحد منهما يسكن منفردا ، ولو كان بينهما داران ، لم يكن لأحدهما المطالبة بجعل كل دار نصيبا كذا هاهنا . [ ص: 145 ] الثالث ، أن صاحب القرار يملك قرارها وهواءها ، فإذا جعل السفل نصيبا انفرد صاحبه بالهواء ، وليست هذه قسمة عادلة . وبهذا قال الشافعي . وقال أبو حنيفة : يقسمه الحاكم ، يجعل ذراعا من السفل بذراعين من العلو . وقال أبو يوسف : ذراع بذراع . وقال محمد : يقسمها بالقيمة . واحتجوا بأنها دار واحدة ، فإذا قسمها على ما يراه جاز ، كالتي لا علو لها .

ولنا ما ذكرناه من المعاني الثلاثة ، وفيها رد ما ذكروه ، وما يذكرونه من كيفية القسمة تحكم ، وبعضه يرد بعضا . وإن طلب أحدهما قسمة العلو وحده ، أو السفل وحده ، لم يجب إليه ; لأن القسمة تراد للتمييز ، ومع بقاء الإشاعة في أحدهما لا يحصل التمييز . وإن طلب قسمة السفل منفردا ، أو العلو منفردا ، لم يجب إليه ; لأنه قد يحصل لكل واحد منهما علو سفل الآخر ، فيستضر كل واحد منهما ، ولا يتميز الحقان .

التالي السابق


الخدمات العلمية