صفحة جزء
( 886 ) مسألة : قال : ومن ترك شيئا من التكبير - غير تكبيرة الإحرام - ، أو التسبيح في الركوع ، أو التسبيح في السجود ، أو قول : سمع الله لمن حمده ، أو قول : ربنا ولك الحمد ، أو رب اغفر لي ، رب اغفر لي ، أو التشهد الأول ، أو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير عامدا ، بطلت صلاته . ومن ترك شيئا منه ساهيا أتى بسجدتي السهو هذا النوع الثاني من الواجبات ، وهي ثمانية ، وفي وجوبها روايتان ; إحداهما ، أنها واجبة ، وهو قول إسحاق والأخرى ، ليست واجبة ، وهو قول أكثر الفقهاء ، إلا أن الشافعي أوجب منها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وضمه إلى الأركان .

وعن أحمد رواية أخرى كقوله . وقد ذكرنا الدليل على وجوبها فيما مضى ، وذكرنا حديث يحيى بن خلاد ، عن عمه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إنه لا تتم الصلاة لأحد من الناس حتى يتوضأ ، ويضع الوضوء مواضعه ، ثم يكبر ويحمد الله ويثني عليه ، ويقرأ بما شاء من القرآن ، ثم يقول : الله أكبر ، ثم يركع حتى تطمئن [ ص: 368 ] مفاصله ، ثم يقول : سمع الله لمن حمده حتى يستوي قائما ، ثم يقول الله أكبر ، ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله ، ثم يقول الله أكبر ، ويرفع رأسه حتى يستوي قاعدا ، ثم يقول : الله أكبر ، ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله ، ثم يرفع رأسه فيكبر ، فإذا فعل ذلك فقد تمت صلاته } . وفي رواية : لا تتم صلاة أحدكم حتى يفعل ذلك . رواه أبو داود .

وحكم هذه الواجبات - إذا قلنا بوجوبها - أنه إن تركها عمدا بطلت صلاته . وإن تركها سهوا وجب عليه السجود للسهو ; والأصل فيه حديث النبي صلى الله عليه وسلم حين قام إلى ثالثة وترك التشهد الأول ، فسبحوا به فلم يرجع ، حتى إذا جلس للتسليم ، سجد سجدتين وهو جالس ، قبل أن يسلم ، ثم سلم . في حديث ابن بحينة . ولولا أن التشهد سقط بالسهو لرجع إليه ، ولولا أنه واجب لما سجد جبرا لنسيانه ، وغير التشهد من الواجبات مقيس عليه ، ومشبه به ، ولا يمتنع أن يكون للعبادة واجبات يتخير إذا تركها ، وأركان لا تصح العبادة بدونها ، كالحج في واجباته وأركانه .

( 887 ) فصل : وضم بعض أصحابنا إلى هذه الواجبات نية الخروج من الصلاة في سلامه ، والتسليمة الثانية ، وقد دللنا على أنهما ليستا بواجبتين . وهو اختيار الخرقي لكونه لم يذكرهما في عدد الواجبات .

ويختص { ربنا ولك الحمد } بالمأموم والمنفرد ، وفي المنفرد رواية أخرى ، أنه لا يجب عليه ، ويختص قول : سمع الله لمن حمده ، بالإمام والمنفرد .

القسم الثاني من المشروع في الصلاة : المسنون وهو ما عدا ما ذكرناه ، وهو اثنان وثلاثون ; رفع اليدين عند الإحرام ، والركوع ، والرفع منه ، ووضع اليمنى على اليسرى ، وحطها تحت السرة ، والنظر إلى موضع سجوده ، والاستفتاح والتعوذ ، وقراءة { بسم الله الرحمن الرحيم } وقول " آمين " ، وقراءة السورة بعد الفاتحة ، والجهر والإسرار في مواضعهما ، ووضع اليدين على الركبتين في الركوع ، ومد الظهر والانحناء في الركوع والسجود .

وما زاد على التسبيحة الواحدة فيهما ، وما زاد على المرة في سؤال المغفرة ، وقول { ملء السماء } بعد التحميد ، والبداية بوضع الركبتين قبل اليدين في السجود ، ورفعهما في القيام ، والتفريق بين ركبتيه في السجود ، ووضع يديه حذو منكبيه أو حذو أذنيه ، وفتح أصابع رجليه فيه ، وفي الجلوس ، والافتراش في التشهد الأول ، والجلوس بين السجدتين ، والتورك في الثاني ، ووضع اليد اليمنى على الفخذ اليمنى مقبوضة محلقة ، والإشارة بالسبابة ، ووضع اليد الأخرى على الفخذ الأخرى مبسوطة ، والالتفات على اليمين والشمال في التسليمتين ، والسجود على أنفه ، وجلسة الاستراحة ، والتسليمة الثانية ، ونية الخروج من الصلاة في سلامه على إحدى الروايتين فيهن . وحكم هذه السنن جميعها أن الصلاة لا تبطل بتركها عمدا ولا سهوا ، وفي السجود لها عند السهو عنها تفصيل ، نذكره في موضعه إن شاء الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية