صفحة جزء
( 8342 ) فصل : إذا ادعى رجل على رجل أنه سرق نصابا من حرزه ، وأقام بذلك شاهدا وحلف معه ، [ ص: 160 ] أو شهد له بذلك رجل وامرأتان ، وجب له المال المشهود به إن كان باقيا ، أو قيمته إن كان تالفا ، ولا يجب القطع ; لأن هذه حجة في المال دون القطع . وإن ادعى على رجل أنه قتل وليه عمدا ، فأقام شاهدا وامرأتين ، أو حلف مع شاهده ، لم يثبت قصاص ولا دية .

والفرق بين المسألتين أن السرقة توجب القطع والغرم معا ، فإذا لم يثبت أحدهما ثبت الآخر ، والقتل العمد موجبه القصاص عينا ، في إحدى الروايتين ، والدية بدل عنه ، ولا يجب البدل ما لم يوجد المبدل . وفي الرواية الأخرى ، الواجب أحدهما لا بعينه ، فلا يجوز أن يتعين أحدهما إلا بالاختيار ، أو التعذر ، ولم يوجد واحد منهما .

وقال ابن أبي موسى : لا يجب المال في السرقة أيضا إلا بشاهدين ; لأنها شهادة على فعل يوجب الحد والمال ، فإذا بطلت في إحداهما بطلت في الأخرى . والأول أولى ; لما ذكرناه . وإن ادعى رجل على رجل أنه ضرب أخاه بسهم عمدا فقتله ، ونفذ إلى أخيه الآخر فقتله خطأ ، وأقام بذلك شاهدا وامرأتين ، أو شاهدا وحلف معه ، ثبت قتل الثاني ; لأنه خطأ موجبه المال ، ولم يثبت قتل الأول ; لأنه عمد موجبه القصاص ، فهما كالجنايتين المفترقتين .

وعلى قول أبي بكر ، لا يثبت شيء منهما ; لأن الجناية عنده لا تثبت إلا بشاهدين ، سواء كان موجبها المال أو غيره . ولو ادعى رجل على آخر أنه سرق منه وغصبه مالا ، فحلف بالطلاق والعتاق ما سرق منه ولا غصبه ، فأقام المدعي شاهدا وامرأتين شهدا بالسرقة والغصب ، أو أقام شاهدا وحلف معه ، استحق المسروق والمغصوب ; لأنه أتى ببينة يثبت ذلك بمثلها ، ولم يثبت طلاق ولا عتاق ; لأن هذه البينة حجة في المال دون الطلاق والعتاق . وظاهر مذهب الشافعي . في هذا الفصل كمذهبنا ، إلا فيما ذكرناه من الخلاف عن أصحابنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية