صفحة جزء
( 8345 ) مسألة ; قال : ( ويقبل فيما لا يطلع عليه الرجال ، مثل الرضاع ، والولادة ، والحيض ، والعدة ، وما أشبهها ، شهادة امرأة عدل ) لا نعلم بين أهل العلم خلافا في قبول شهادة النساء المنفردات في الجملة . قال القاضي : والذي تقبل فيه شهادتهن منفردات خمسة أشياء ; الولادة ، والاستهلال ، والرضاع ، والعيوب تحت الثياب كالرتق والقرن والبكارة والثيابة والبرص ، وانقضاء العدة . وعن أبي حنيفة : لا تقبل شهادتهن منفردات على الرضاع ; لأنه يجوز أن يطلع عليه محارم المرأة من الرجال ، فلم يثبت بالنساء منفردات ، كالنكاح .

ولنا ، ما روى عقبة بن الحارث ، قال : { تزوجت أم يحيى بنت أبي إهاب ، فأتت أمة سوداء ، فقالت : قد أرضعتكما . فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له ، فأعرض عني ، ثم أتيته فقلت : يا رسول الله ، إنها كاذبة . قال : كيف ، وقد زعمت ذلك } . متفق عليه . ولأنها شهادة على عورة للنساء فيها مدخل فقبل فيها شهادة النساء ، كالولادة ، وتخالف العقد ، فإنه ليس بعورة . وحكي عن أبي حنيفة أيضا ، أن شهادة النساء المنفردات لا تقبل في الاستهلال ; لأنه يكون بعد الولادة .

وخالفه صاحباه ، وأكثر أهل العلم ; لأنه يكون حال الولادة ، فيتعذر حضور الرجال ، فأشبه الولادة نفسها . وقد روي عن علي ، رحمه الله ، أنه أجاز شهادة القابلة وحدها في الاستهلال . رواه الإمام أحمد ، وسعيد بن منصور . إلا أنه من حديث جابر الجعفي . وأجازه شريح ، والحسن ، والحارث العكلي ، وحماد . ( 8346 ) فصل : إذا ثبت هذا ، فكل موضع قلنا : تقبل فيه شهادة النساء المنفردات . فإنه تقبل فيه شهادة المرأة الواحدة . وقال طاوس : تجوز شهادة المرأة في الرضاع ، وإن كانت سوداء .

وعن أحمد ، رواية أخرى : لا تقبل فيه إلا امرأتان . وهو قول الحكم ، وابن أبي ليلى ، وابن شبرمة . وإليه ذهب مالك ، والثوري ; لأن كل جنس يثبت به الحق كفى فيه اثنان ، كالرجال ، ولأن الرجال أكمل منهن عقلا ، ولا يقبل منهم إلا اثنان . وقال عثمان البتي : يكفي ثلاث ; لأن كل موضع قبل فيه النساء ، كان العدد ثلاثة ، كما لو كان معهن رجل .

وقال أبو حنيفة : تقبل شهادة المرأة الواحدة في ولادة الزوجات دون ولادة المطلقة . وقال عطاء ، والشعبي ، وقتادة ، والشافعي ، وأبو ثور : لا يقبل فيه إلا أربع ; لأنها شهادة من شرطها الحرية ، فلم يقبل فيها الواحدة ، كسائر الشهادات ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { شهادة امرأتين بشهادة رجل } . ولنا ، ما روى عقبة بن الحارث ، أنه قال : { تزوجت أم يحيى بنت أبي إهاب ، فجاءت أمة سوداء ، فقالت : قد أرضعتكما ، فجئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك ، فأعرض عني ، ثم ذكرت له ذلك فقال : وكيف ، وقد زعمت ذلك ، } . متفق عليه . وروى حذيفة { ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة القابلة . }

ذكره الفقهاء في كتبهم . وروى أبو الخطاب ، عن ابن عمر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { يجزئ في الرضاع شهادة امرأة واحدة } . ولأنه معنى [ ص: 162 ] يثبت بقول النساء المنفردات ، فلا يشترط فيه العدد ، كالرواية وأخبار الديانات . وما ذكره الشافعي من اشتراط الحرية ، غير مسلم وقول النبي صلى الله عليه وسلم : { شهادة امرأتين بشهادة رجل . في الموضع الذي تشهد فيه مع الرجل . } ( 8347 ) فصل : فإن شهد الرجل بذلك ، فقال أبو الخطاب : تقبل شهادته وحده ; لأنه أكمل من المرأة ، فإذا اكتفي بها وحدها ، فلأن يكتفى به أولى ، ولأن ما قبل فيه قول المرأة الواحدة ، قبل فيه قول الرجل ، كالرواية .

التالي السابق


الخدمات العلمية