صفحة جزء
( 8382 ) مسألة ; قال : ولا تجوز شهادة الوالدين وإن علوا ، للولد وإن سفل ، ولا شهادة الولد وإن سفل ، لهما وإن علوا . ظاهر المذهب أن شهادة الوالد لولده لا تقبل ، ولا لولد ولده ، وإن سفل ، وسواء في ذلك ولد البنين وولد البنات . ولا تقبل شهادة الولد لوالده ، ولا لوالدته ، ولا جده ، ولا جدته من قبل أبيه وأمه وإن علوا ، وسواء في ذلك الآباء والأمهات ، وآباؤهما وأمهاتهما . وبه قال شريح ، والحسن ، والشعبي ، والنخعي ، ومالك ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبو عبيد ، وأصحاب الرأي .

وروي عن أحمد ، رحمه الله ، رواية ثانية ، تقبل شهادة الابن لأبيه ، ولا تقبل شهادة الأب له ; لأن مال الابن في حكم مال الأب ، له أن يتملكه إذا شاء ، فشهادته له شهادة لنفسه ، أو يجر بها لنفسه نفعا . قال النبي صلى الله عليه وسلم : { أنت ومالك لأبيك } . وقال : { إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه ، وإن أولادكم من أطيب كسبكم ، فكلوا من أموالهم } . ولا يوجد هذا في شهادة الابن لأبيه .

وعنه رواية ثالثة ، تقبل شهادة كل واحد منهما لصاحبه ، في ما لا تهمة فيه ، كالنكاح ، والطلاق ، والقصاص ، والمال إذا كان مستغنى عنه ; لأن كل واحد منهما لا ينتفع بما يثبت للآخر من ذلك ، فلا تهمة في حقه . وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن شهادة كل واحد منهما للآخر مقبولة . وروي ذلك عن شريح . وبه قال عمر بن عبد العزيز ، وأبو ثور ، والمزني ، وداود ، وإسحاق ، وابن المنذر ; لعموم الآيات ، ولأنه عدل تقبل شهادته في غير هذا الموضع ، فتقبل شهادته فيه ، كالأجنبي . ولنا ، ما روى الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ، ولا ذي غمر على أخيه ، ولا ظنين في قرابة ولا ولاء } .

والظنين : المتهم ، والأب يتهم لولده ; لأن ماله كما له بما ذكرناه ، ولأن بينهما بعضية ، فكأنه يشهد لنفسه ، ولهذا قال عليه السلام : { فاطمة بضعة مني ، يريبني ما رابها } . ولأنه متهم في الشهادة لولده ، كتهمة العدو في الشهادة على عدوه ، والخبر أخص من الآيات ، فتخص به .

التالي السابق


الخدمات العلمية