صفحة جزء
( 8456 ) مسألة ; قال : ( وإن كانت شهادتهما بمال ، غرماه ، ولم يرجع به على المحكوم له به ، سواء كان المال قائما أو تالفا ) أما كونه لا يرجع به على المحكوم له به فلا نعلم فيه بين أهل العلم خلافا ، سوى ما حكيناه عن سعيد بن المسيب والأوزاعي وقد ذكرنا الكلام معهما فيما مضى . فأما الرجوع به على الشاهدين ، فهو قول أكثر أهل العلم ; منهم مالك وأصحاب الرأي ، وهو قول الشافعي القديم ، وقال في الجديد لا يرجع عليهما بشيء ، إلا أن يشهدا بعتق عبد فيضمنا قيمته ; لأنه لم يوجد منهما إتلاف للمال ، ولا يد عادية عليه ، فلم يضمنا ، كما لو ردت شهادتهما .

ولنا ، أنهما أخرجا ماله من يده بغير حق ، وحالا بينه وبينه ، فلزمهما الضمان ، كما لو شهدا بعتقه ، ولأنهما أزالا يد السيد عن عبده بشهادتهما المرجوع عنها فأشبه ما لو شهدا بحريته ; ولأنهما تسببا إلى إتلاف حقه بشهادتهما بالزور عليه ، فلزمهما الضمان ، كشاهدي القصاص . يحقق هذا ، أنه إذا ألزمهما القصاص الذي يدرأ [ ص: 226 ] بالشبهات ، فوجوب المال أولى .

وقولهم : إنهما ما أتلفا المال . يبطل بما إذا شهدا بعتقه ، فإن الرق في الحقيقة لا يزول بشهادة الزور ، وإنما حالا بين سيده وبينه ، وفي موضع إتلاف المال ، فهما تسببا إلى تلفه ، فيلزمهما ضمان ما تلف بسببهما ، كشاهدي القصاص ، وشهود الزنى ، وحافر البئر ، وناصب السكين .

التالي السابق


الخدمات العلمية