صفحة جزء
( 8483 ) فصل : وإن شهد أحدهما أنه غصبه ثوبا قيمته درهمان ، وشهد آخر أن قيمته ثلاثة ، ثبت له ما اتفقا عليه ، وهو درهمان ، وله أن يحلف مع الآخر على درهم ; لأنهما اتفقا على درهمين ، وانفرد أحدهما بدرهم ، فأشبه ما لو شهد أحدهما بألف وآخر بخمسمائة . وإن شهد شاهدان أن قيمته درهمان ، وشاهدان أن قيمته ثلاثة ، ثبت له درهمان . وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة : له ثلاثة ; لأنه قد شهد بها شاهدان ، وهما حجة ، فيجب الأخذ بهما ، كما يؤخذ بالزيادة في الأخبار ، وكما لو شهد له شاهدان بألف وشاهدان بألفين ، فإنه يجب له ألفان . قال القاضي : ويتوجه لنا مثل هذا ، بناء على مسألة الألف وخمسمائة .

ولنا ، أن من شهد أن قيمته درهمان ، ينفي أن تكون قيمته ثلاثة ، فقد تعارضت البينتان في الدرهم ، ويخالف [ ص: 237 ] الزيادة في الأخبار ، فإن من يروي الناقص لا ينفي الزيادة ، وكذلك من شهد بألف ، لا ينفي أن عليه ألفا آخر . فإن قيل : فلم قلتم : إنه إذا شهد بكل واحد من القيمتين شاهدان تعارضتا ، وإن شهد واحد ، لم تتعارضا ، وكان له أن يحلف مع الشاهد بالزيادة عليها .

قلنا : لأن الشاهدين حجة وبينة ، فإذا كملت من الجانبين ، تعارضت الحجتان ; لتعذر الجمع بينهما ، وأما الشاهد الواحد ، فليس بحجة وحده ، وإنما يصير حجة مع اليمين ، فإذا حلف مع أحدهما كملت الحجة بيمينه ، ولم يعارضهما ما ليس بحجة ، كما لو شهد بأحدهما شاهدان ، وبالآخر شاهد واحد .

التالي السابق


الخدمات العلمية