صفحة جزء
( 902 ) فصل : قوله : أو قام في موضع جلوس أو جلس في موضع قيام " . أكثر أهل العلم يرون أن هذا يسجد له . وممن قال ذلك ابن مسعود ، وقتادة ، والثوري ، والشافعي ، وإسحاق وأصحاب الرأي . وكان علقمة والأسود يقعدان في الشيء يقام فيه ، ويقومان في الشيء يقعد فيه ، فلا يسجدان . ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم { إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين } وقال : { إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين } رواهما مسلم عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم وقوله عليه الصلاة والسلام : { لكل سهو سجدتان بعد السلام } . رواه أبو داود . ولأنه سهو فسجد له كغيره ، مع ما نذكره في تفصيل المسائل .

فأما القيام في موضع الجلوس ، ففي ثلاث صور : إحداها ، أن يترك التشهد الأول ويقوم ، ، وفيه ثلاث مسائل ( 903 ) المسألة الأولى ، ذكره قبل اعتداله قائما ، فيلزمه الرجوع إلى التشهد . وممن قال يجلس علقمة ، والضحاك ، وقتادة ، والأوزاعي ، والشافعي ، وابن المنذر . وقال مالك : إن فارقت أليتاه الأرض مضى . وقال حسان بن عطية : إذا تجافت ركبتاه عن الأرض مضى .

ولنا ، ما روى المغيرة بن شعبة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إذا قام أحدكم في الركعتين ، فلم يستتم قائما فليجلس ، فإذا استتم قائما ، فلا يجلس ، ويسجد سجدتي السهو } رواه أبو داود ، وابن ماجه . ولأنه أخل بواجب ذكره قبل الشروع في ركن مقصود . فلزمه الإتيان به ، كما لو لم تفارق أليتاه الأرض .

( 904 ) المسألة الثانية : ذكره بعد اعتداله قائما ، وقبل شروعه في القراءة ، فالأولى له أن لا يجلس ، وإن جلس جاز . نص عليه قال . النخعي : يرجع ما لم يستفتح القراءة وقال حماد بن أبي سليمان : إن ذكر ساعة يقوم جلس . ولنا ، حديث المغيرة ، وما نذكره فيما بعد ; ولأنه ذكره بعد الشروع في ركن ، فلم يلزمه الرجوع ، كما لو ذكره بعد الشروع في القراءة . ويحتمل أنه لا يجوز له الرجوع ; لحديث المغيرة ، ولأنه شرع في ركن ، فلم يجز له الرجوع ، كما لو شرع في القراءة ( 905 ) المسألة الثالثة ، ذكره بعد الشروع في القراءة ، فلا يجوز له الرجوع ، ويمضي في صلاته ، في قول أكثر أهل العلم .

وممن روي عنه أنه لا يرجع عمر ، وسعد بن أبي وقاص ، وابن مسعود ، والمغيرة بن شعبة [ ص: 380 ] والنعمان بن بشير ، وابن الزبير ، والضحاك بن قيس ، وعقبة بن عامر . وهو قول أكثر الفقهاء . وقال الحسن . يرجع ما لم يركع . وليس بصحيح ; لحديث المغيرة . وروى أبو بكر الآجري ، بإسناده عن معاوية : أنه صلى بهم فقام في الركعتين ، وعليه الجلوس ، فسبح به ، فأبى أن يجلس ، حتى إذا جلس يسلم سجد سجدتين وهو جالس ، ثم قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هذا . ولأنه شرع في ركن مقصود ، فلم يجز له الرجوع ، كما لو شرع في الركوع .

إذا ثبت هذا فإنه يسجد قبل السلام في جميع هذه المسائل ; لحديث معاوية ، ولما روى عبد الله بن مالك بن بحينة ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم الظهر ، فقام في الركعتين الأوليين ، ولم يجلس ، فقام الناس معه ، فلما قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه كبر وهو جالس ، فسجد سجدتين قبل أن يسلم } ، متفق عليه

التالي السابق


الخدمات العلمية