صفحة جزء
( 8520 ) فصل : إذا تداعيا عينا ، فقال كل واحد منهما : هذه العين لي ، اشتريتها من زيد بمائة ، ونقدته إياها . ولا بينة لواحد منهما ، فإن أنكرهما زيد ، حلف ، وكانت العين له . وإن أقر بها لأحدهما ، سلمها إليه وحلف للآخر . وإن أقر لكل واحد منهما بنصفها ، سلمت إليهما ، وحلف لكل واحد منهما على نصفها . وإن قال : لا أعلم لمن هي منكما . أقرع بينهما ، فمن خرجت له القرعة ، حلف وأخذها .

وإن حلف البائع أنها له ، ثم أقر بها لأحدهما ، سلمت إليه ، ثم إن أقر بها للآخر ، لزمته غرامتها له . وإن أقام كل واحد منهما بما ادعاه بينة ، نظرنا ; فإن كانت البينتان مؤرختين بتاريخين مختلفين ، مثل أن يدعي أحدهما أنه اشتراها في المحرم ، وادعى الآخر أنه اشتراها في صفر ، وشهدت بينة كل واحد منهما للآخر بدعواه ، فهي للأول ; لأنه ثبت أنه باعها للأول ، فزال ملكه عنها ، فيكون بيعه في صفر باطلا ، لكونه باع ما لا يملكه ، ويطالب برد الثمن . وإن كانتا مؤرختين بتاريخ واحد ، أو مطلقتين ، أو إحداهما مطلقة والأخرى مؤرخة ، تعارضتا ; لتعذر الجمع ، فينظر في العين ، فإن كانت في يد أحدهما ، انبنى ذلك على الخلاف في بينة الداخل والخارج ، فمن قدم بينة الداخل جعلها لمن هي في يده ، ومن قدم بينة الخارج ، جعلها للخارج . وإن كانت في يد البائع ، وقلنا : تسقط البينتان . رجع إلى البائع ، فإن أنكرهما ، حلف لهما ، وكانت له ، وإن أقر لأحدهما ، سلمت إليه ، وحلف للآخر ، وإن أقر لهما ، فهي بينهما ، ويحلف لكل واحد منهما على نصفها ، كما لو لم تكن لهما بينة .

وإن قلنا : لا تسقط البينتان . لم يلتفت إلى إنكاره ولا اعترافه . وهذا قول القاضي ، وأكثر أصحاب الشافعي ; لأنه قد ثبت زوال ملكه ، وأن يده لا حكم لها ، فلا حكم لقوله ، فمن قال : يقرع بينهما . أقرع بينهما ، فمن خرجت له القرعة ، فهي له مع يمينه . وهذا قول القاضي ، لم يذكر شيئا سوى هذا . ومن قال : تقسم بينهما . قسمت . وهذا ذكره أبو الخطاب . وقد نص عليه أحمد ، في رواية الكوسج ، في رجل أقام البينة أنه اشترى سلعة بمائة ، وأقام الآخر بينة أنه اشتراها بمائتين ، فكل واحد منهما يستحق النصف من السلعة بنصف الثمن ، فيكونان شريكين وحمل القاضي هذه الرواية ، على أن العين في أيديهما ، أو على أن البائع أقر لهما جميعا .

وإطلاق الرواية يدل [ ص: 254 ] على صحة قول أبي الخطاب فعلى هذا ، إن كان المبيع مما لا يدخل في ضمان المشتري إلا بقبضه ، فلكل واحد منهما الخيار ; لأن الصفقة تبعضت عليه . فإن اختارا الإمساك ، رجع كل واحد منهما بنصف الثمن ، وإن اختارا الفسخ رجع كل واحد منهما بجميع الثمن ، وإن اختار أحدهما الفسخ ، توفرت السلعة كلها على الآخر ، إلا أن يكون الحاكم قد حكم له بنصف السلعة ونصف الثمن ، فلا يعود النصف الآخر إليه . وهذا قول الشافعي في كل مبيع .

التالي السابق


الخدمات العلمية