1. الرئيسية
  2. المغني
  3. كتاب الدعاوى والبينات
  4. فصل إذا ادعى إنسان أن أباه مات وخلفه وأخا له غائبا وترك دارا في يد هذا الرجل فأنكر صاحب اليد
صفحة جزء
( 8535 ) فصل : وإذا ادعى إنسان أن أباه مات وخلفه وأخا له غائبا ، ولا وارث له سواهما ، وترك دارا في يد هذا الرجل ، فأنكر صاحب اليد ، وأقام المدعي بينة بما ادعاه ، ثبتت الدار للميت ، وانتزعت الدار من يد المنكر ، ودفع نصفها إلى المدعي ، وجعل النصف الآخر في يد أمين للغائب ، يكريه له . وكذلك إن كان المدعى مما ينقل ويحول . وبهذا قال الشافعي . وقال أبو حنيفة : إن كان مما ينقل ولا يحول ، أو مما ينحفظ ولا يخاف هلاكه ، لم ينزع نصيب الغائب من يد المدعى عليه ; لأن الغائب لم يدعه هو ولا وكيله ، فلم ينزع من يد من هو في يده ، كما لو ادعى أحد الشريكين دارا مشتركة بينه وبين أجنبي ، فإنه يسلم إلى المدعي نصيبه ، ولا ينزع [ ص: 262 ] نصيب الغائب ، كذا هاهنا .

ولنا أنها تركة ميت ثبتت ببينة ، فوجب أن ينزع نصيب الغائب ، كالمنقول ، وكما لو كان أخوه صغيرا أو مجنونا ، ولأن فيما قاله ضررا ; لأنه قد يتعذر على الغائب إقامة البينة ، وقد يموت الشاهدان أو يغيبا ، أو تزول عنهما عدالتهما ، ويعزل الحاكم ، فيضيع حقه ، فوجب أن يحفظ بانتزاعه ، كالمنقول . ويفارق الشريك الأجنبي إجمالا وتفصيلا ; أما الإجمال ، فإن المنقول ينتزع نصيب شريكه في الميراث ، ولا ينتزع نصيب شريكه الأجنبي ، وأما التفصيل ، فإن البينة ثبت بها الحق للميت بدليل أنه يقضي منه ديونه ، وتنفذ منه وصاياه ، ولأن الأخ يشاركه فيما أخذه ، إذا تعذر عليه أخذ الباقي . فأما إن كان دينا في ذمة إنسان ، فهل يقبض الحاكم نصيب الغائب ؟ فيه وجهان ; أحدهما ، يقبض ، كما يقبض العين . والثاني ، لا يقبضه ; لأنه إذا كان في ذمة من هو عليه ، كان أحوط من أن يكون أمانة في يد الأمين ، لأنه لا يؤمن عليه التلف إذا قبضه . والأول أولى ; لأنه في الذمة أيضا يعرض للتلف بالفلس ، والموت ، وعزل الحاكم ، وتعذر البينة . إذا ثبت هذا ، فإننا إن دفعنا إلى الحاضر نصف الدار أو الدين ، لم نطالبه بضمين ; لأننا دفعناه بقول الشهود ، والمطالبة بالضمين طعن عليهم .

قال أصحابنا : سواء كان الشاهدان من أهل الخبرة الباطنة ، أو لم يكونا . ويحتمل أن لا تقبل شهادتهما في نفي وارث آخر ، حتى يكونا من أهل الخبرة الباطنة ، والمعرفة المتقادمة لأن من ليس من أهل المعرفة ليس جهله بالوارث دليلا على عدمه ، ولا يكتفي به . وهذا قول الشافعي . فعلى هذا تكون الدار موقوفة ، ولا يسلم إلى الحاضر نصفها ، حتى يسأل الحاكم ويكشف عن المواضع التي كان ' يطوفها ، ويأمر مناديا ينادي : إن فلانا مات ، فإن كان له وارث ، فليأت . فإذا غلب على ظنه أنه لو كان وارث لظهر ، دفع إلى الحاضر نصيبه . وهل يطلب منه ضمينا ؟ يحتمل وجهين . وهكذا الحكم إذا كان الشاهدان من أهل الخبرة الباطنة ، ولكن لم يقولا : ولا نعلم له وارثا سواه . فإن كان مع الابن ذو فرض فعلى ظاهر المذهب يعطي فرضه كاملا .

وعلى هذا التخريج ، يعطى اليقين . فإن كانت له زوجة ، أعطيت ربع الثمن ; لجواز أن يكون له أربع نسوة ، وإن كانت له جدة ، ولم يثبت موت أمه ، لم تعط شيئا ، وإن ثبت موتها ، أعطيت ثلث السدس ، لجواز أن يكون له ثلاث جدات ، ولا تعطى العصبة شيئا ، فإن كان الوارث أخا لم يعط شيئا لجواز أن يكون للميت وارث يحجبه . وإن كان معه أم ، أعطيت السدس عائلا ، والمرأة ربع الثمن عائلا ، والزوج الربع عائلا ; لأنه اليقين ، فإن المسألة قد تعول مع وجود الزوج ، مثل أن يخلف أبوين وابنين وزوجا فإذا كشف الحاكم أعطى الزوج نصيبه ، وكمل لذوي الفروض فروضهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية