صفحة جزء
( 8537 ) فصل : وإن ادعى أمة أنها له ، وأقام بينة ، فشهدت أنها ابنة أمته ، أو ادعى ثمرة ، فشهدت له البينة أنها ثمرة شجرته ، لم يحكم له بها ; لجواز أن تكون ولدتها قبل تملكها ، وأثمرت الشجرة هذه الثمرة قبل ملكه إياها . وإن قالت البينة : ولدتها في ملكه أو أثمرتها في ملكه حكم له بها ; لأنها شهدت أنها نماء ملكه ، ونماء ملكه ملكه ، ما لم يرد سبب ينقله عنه . فإن قيل فقد قلتم : لا تقبل شهادته بالملك السابق ، الصحيح وهذه شهادة بملك سابق قلنا : الفرق بينهما ، على تقدير التسليم ، أن النماء تابع للملك في الأصل ، فإثبات ملكه في الزمن الماضي على وجه التبع ، وجرى مجرى ما لو قال : ملكته منذ سنة . وأقام البينة بذلك ، فإن ملكه يثبت في الزمن الماضي تبعا للحال ، يكون له النماء فيما مضى ، ولأن البينة هاهنا شهدت بسبب الملك ، وهو ولادتها ، أو وجودها في ملكه ، فقويت بذلك ، ولهذا لو شهدت بالسبب في الزمن الماضي ، فقالت : أقرضه ألفا ، أو باعه . ثبت الملك وإن لم يذكره ، فمع ذكره أولى .

وإن شهدت له البينة أن هذا الغزل من قطنه وهذا الدقيق من حنطته ، وأن هذا الطائر من بيضته ، حكم له به وإن لم يضفه إلى ملكه ; لأن الغزل عين القطن ، وإنما تغيرت صفته ، والدقيق أجزاء الحنطة تفرقت ، والطير هو أجزاء البيضة استحال ، فكأن البينة قالت : هذا غزله ودقيقه وطيره . وليس كذلك الولد والثمرة ، فإنهما غير الأم والشجرة . ولو شهد أن هذه البيضة من طيره ، لم يحكم له بها حتى يقولا : باضها في ملكه . لأن البيضة غير الطير ، وإنما هي من نمائه ، فهي كالولد . ومذهب الشافعي في هذا الفصل كله كما ذكرنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية