1. الرئيسية
  2. المغني
  3. كتاب الدعاوى والبينات
  4. مسألة قال زوجها ماتت قبل ابنها فورثناها ثم مات ابني فورثته وقال أخوها مات ابنها فورثته ثم ماتت فورثناها
صفحة جزء
[ ص: 269 ] مسألة ; قال : وإذا ماتت امرأة وابنها فقال زوجها : ماتت قبل ابنها ، فورثناها ، ثم مات ابني ، فورثته . وقال أخوها مات ابنها فورثته ، ثم ماتت فورثناها حلف كل واحد منهما على إبطال دعوى صاحبه وكان ميراث الابن لأبيه ، وميراث المرأة لأخيها وزوجها نصفين وجملته أنه إذا مات جماعة يرث بعضهم بعضا ، واختلف الأحياء من ورثتهم في أسبقهم بالموت كامرأة وابنها ماتا ، فقال الزوج ماتت المرأة أولا ، فصار ميراثها كله لي ولابني ، ثم مات ابني فصار ميراثه لي .

وقال أخوها : مات ابنها أولا فورثت ثلث ماله ، ثم ماتت فكان ميراثها بيني وبينك نصفين . حلف كل واحد منهما على إبطال دعوى صاحبه ، وجعلنا ميراث كل واحد منهما للأحياء من ورثته دون من مات معه ; لأن سبب استحقاق الحي من موروثه موجود ، وإنما يمتنع لبقاء موروث الآخر بعده وهذا أمر مشكوك فيه فلا نزول عن اليقين بالشك ، فيكون ميراث الابن لأبيه ، لا مشارك له فيه ، وميراث المرأة بين أخيها وزوجها نصفين . وهذا مذهب الشافعي . فإن قيل : فقد أعطيتم الزوج نصف ميراث المرأة ، وهو لا يدعي إلا الربع قلنا بل هو مدع له كله ; ربعه بميراثه منها ، وثلاثة أرباعه بإرثه من ابنه . قال أبو بكر : وقد ثبتت البنوة بيقين ، فلا يقطع ميراث الأب منه إلا ببينة تقوم للأخ . وهذا تعليل لقول الخرقي في هذه المسألة . وذكر قولا آخر ، أنه يحتمل أن الميراث بينهما نصفين .

قال : وهذا اختياري أن كل رجلين ادعيا مالا يمكن صدقهما فيه فهو بينهما نصفين . وهذا لا يدرى ما أراد به إن أراد أن مال المرأة بينهما نصفين . فهو قول الخرقي ، وليس بقول آخر ، وإن أراد أن مالها ومال الابن بينهما نصفين ، لم يصح ; لأنه يفضي إلى إعطاء الأخ ما لا يدعيه ، ولا يستحقه يقينا ; لأنه لا يدعي من مال الابن أكثر من سدسه ولا يمكن أن يستحق أكثر منه ، وإن أراد ثلث مال الابن يضم إلى مال المرأة ، فيقتسمانه نصفين ، لم يصح ; لأن نصف ذلك للزوج باتفاق منهما لا ، ينازعه الأخ فيه ، وإنما النزاع بينهما في نصفه .

ويحتمل أن يكون هذا مراده كما لو تنازع الأخ فيه ، وإنما النزاع بينهما خفي ، كما لو تنازع رجلان دارا في أيديهما ، فادعاها أحدهما كلها ، وادعى الآخر نصفها ، فإنها تقسم بينهما نصفين ، وتكون اليمين على مدعي النصف إلا أن الفرق بين هذه المسألة وتلك ، أن الدار في أيديهما فكل واحد منهما في يده نصفها ، فمدعي النصف يدعيه وهو في يده ، فقبل قوله فيه مع يمينه ، وفي مسألتنا يعترفان أن هذا ميراث عن الميتين ، فلا يد لأحدهما عليه ، لاعترافهما بأنه لم يكن لهما ، وإنما هو ميراث يدعيانه عن غيرهما ، وإن أراد أن يضم سدس مال الابن إلى نصف مال المرأة ، فيقسم بينهما نصفين فله وجه ; لأنهما تساويا في دعواه ، فيقسم بينهما كما لو تنازعا دابة في أيديهما ، وعلى كل واحد منهما اليمين فيما حكم له به .

والذي يقتضيه قول أصحابنا في الغرقى والهدمى ، أن يكون سدس ميراث الابن للأخ ، وباقي الميراثين للزوج ; لأننا نقدر أن المرأة ماتت أولا ، فيكون ميراثها لابنها وزوجها ، ثم مات الابن فورث الزوج كل ما في يده فصار ميراثها كله لزوجها ، ثم نقدر أن الابن مات أولا ، فورثه أبواه لأمه الثلث ، ثم ماتت فصار الثلث بين أخيها وزوجها نصفين ، لكل واحد منهما السدس ، فلم يرث الأخ إلا سدس مال الابن ، كما ذكرنا . ولعل هذا القول يختص بمن جهل موتهما ، واتفق وراثهما على الجهل به . والقولان [ ص: 270 ] المتقدمان ; قول الخرقي وقول أبي بكر ، فيما إذا ادعى ورثة كل ميت أنه مات أخيرا وأن الآخر مات قبله ، فإن كان لأحدهما بينة بما ادعاه ، حكم بها ، وإن أقاما بينتين تعارضتا ، وهل تسقطان ، أو تستعملان فيقرع بينهما أو يقتسمان ما اختلفا فيه ؟ يخرج على الروايات الثلاث . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية